صحة سلب جميع المعاني الحقيقية ، حتى يلزم الدور (١) .
وبعبارة اُخرى يُكتَفى بسلب ما علم من المعاني الحقيقية عن المورد ، فيثبت المجازية بأصالة عدم الاشتراك . وإلى هذا أشار المحقق القمي ( قدس سره ) بقوله : ويمكن أن يقال : لا يلزم في نفي المعاني الحقيقية العلم بكون المستعمل فيه مجازاً ، إلى آخره .
ومنها : ما ذكره المحقق القمي (٢) ( قدس سره ) من أوّل الوجهين اللذين اختارهما ، من أنّ سلب كل واحد من المعاني الحقيقية علامة المجازية بالنسبة إلى ذلك المعنى المسلوب في الجملة ، فإنْ كان المسلوب الحقيقي واحداً في نفس الأمر ، فيكون المعنى المبحوث عنه مجازاً مطلقاً . وإلّا فيكون مجازاً بالنسبة إلى ما علم سلبه عنه لا مطلقاً .
أقول : الظّاهر رجوع هذا إلى الوجه الذي ذكره العضدي (٣) ، فان المسلوب في كل منهما إنّما هو بعض ما علم من المعاني المحتملة ، لكونها معاني حقيقية ، ولم يعلم انحصار الحقيقة في المعنى المسلوب ، فيثبت بصحة السلب ، المجازية في الجملة ، في كل واحد منهما ، ويتوقف معرفة كون المجاز مجازاً مطلقاً ، أو في بعض الأحيان إلى شيء آخر كأصالة عدم الاشتراك ؛ لعدم حصولها من صحة السلب ، فإنّها لا تعيّن كون المعنى المسلوب هو الحقيقة خاصة ، بمعنى انحصار الحقيقة فيه ، كما اعترف به المحقق القمي ( قدس سره ) أيضاً بقوله : فان كان المسلوب الحقيقي واحداً في نفس الأمر ، فيكون المعنى المبحوث عنه مجازاً مطلقاً ، فعلى هذا لم أعرف وجهاً لإنكاره على العضدي ، بقوله : وفيه انّه مناف لإطلاقهم ، بأنّ هذه علامة المجاز والحقيقة ، فإنّ ظاهره كونه سبباً تاماً . . . . . إلى آخره .
___________________________
(١) حاشية العضدي على شرح المختصر : مخطوط ، واليك لفظه : وقد يجاب بان سلب بعض المعاني الحقيقية كاف ، فيعلم أنه مجاز فيه ، وإلّا لزم الاشتراك .
(٢) القوانين : ٢١ .
(٣) شرح المختصر للعضدى مخطوط وإليك نصّه : اقول قال الاصوليّون نعرف المجاز بالضّرورة . . . وبالنّظر بوجوه منها صحّة النفي في نفس الأمر كقولك للبليد ليس بحمار وإنّما قلت في نفس الأمر ليندفع ما أنت بانسان لصحته لغة ، وهذا بعكس الحقيقة فان عدم صحة النفي علامة لها ولذلك لا يصحّ ان يقال للبليد أنه ليس بانسان .
الاعتراض عليه : المراد بصحة سلبه سلب كل ما هو معناه حقيقة لأن معناه مجازاً لا يمكن سلبه وسلب بعض المعاني الحقيقيّة لا يفيد لجواز سلب بعض المعاني الحقيقيّة دون بعض فإذن لا تعرف صحة سلبه إلّا إذا علم كونه ليس شيئاً من المعاني الحقيقيّة وهو إنما يتحقّق إذا علم أنه فيما استعمل فيه مجاز فإثبات كونه مجازاً به دور ، ووروده على الحقيقة أظهر ، وقد يجاب بأنّ سلب بعض المعاني الحقيقيّة كاف فيعلم أنّه مجاز فيه وإلّا لزم الاشتراك .