ذلك المعنى العام الذي هو ملاك جواز استعمال اللّفظ فيه ، فإن علم جواز استعمال اللّفظ فيها أيضاً بالاعتبار المذكور ، بحيث لا يختص الاستعمال بهذا الاعتبار ببعضها دون بعض ، بل أينما وجد ذلك الكلي يَجُزْ استعمال اللّفظ باعتباره ، فذلك هو معنى الاطّراد ، فيكون هذا دليلاً على وضع اللّفظ لذلك المعنى العام ، وكون المورد من أفراد الحقيقة ، وإلّا ـ بأن علم باختصاص جواز الاستعمال بالاعتبار المذكور ببعضها ، أو تخصيص المورد المذكور فقط ، فذلك هو معنى عدم الاطراد ، ـ فيكون دليلاً على مجازيّة اللّفظ في المعنى العام ، وكون المورد من أفراد المعنى المجازي .
ومثّل السيّد عميد الدين (١) للأوّل بلفظ العالم ، لجواز استعماله في كل من تلبس بالعلم .
والعضدي (٢) للثاني بإسأل القرية ، لعدم جواز إسأل البستان .
وفي كل من المثالين نظر :
أمّا الأوّل : فلأن المراد والغرض من اطراد استعمال العالم في كل من تلبس بالعلم ، إمّا أن يكون استكشاف حال معناه الهيئي ، وإمّا أن يكون استكشاف حال معناه المادّي .
فعلى الأوّل : فلا ريب أنّه ليس لخصوص هيئة العالم وضع ، كما هو المشهور ، حتى يراد بذلك استكشاف المعنى الذي وضعت له تلك الهيئة العارضة على تلك المادة المخصوصة ، بل الموضوع في المشتقات هي الهيئة الكلية الصادقة على الجزئيات الإضافية العارضة للمواد الخاصّة ، كالعالم ، والضارب ، والقائل ، والقاتل ، وغير ذلك من الجزئيات الإضافية ، وتلك الهيئة هي زنة الفاعل .
فإن أراد كون اطّراد العالم في مصاديقه علامة لكون الهيئة الكلية موضوعة لمطلق من تلبّس بالمبدأ ؛ ففيه أنّ العالم بجميع جزئياته ، مورد واحد من تلك الهيئة ، وجواز استعمال الهيئة في تلك المادة المخصوصة ، ولو في جميع جزئياتها الحقيقية من تلك
___________________________
(١) منية اللبيب مخطوط في علائم الحقيقة والمجاز واليك لفظه : ومن الادلّة على كون اللفظ حقيقة في المعنى المعيّن الاطّراد كالعالم فانه لما صدق على كلّ ذي علم حقيقة صدق على كل ذي علم أنّه عالم وهو معنى الاطّراد .
(٢) شرح المختصر للعضدي مخطوط في مباحث الحقيقة والمجاز واليك لفظه ومنها عدم اطراده بان يستعمل لوجود معنى في محلّ ولا يجوز استعماله في محلّ آخر مع وجود ذلك المعنى فيه كما تقول ( واسأل القرية ) لأنّه سؤال لاهلها ولا تقول إسأل البستان وإن وجد فيه ذلك وهذا لا ينعكس أي ليس الاطّراد دليل الحقيقة فانّ المجاز قد يطّرد كالاسد للشّجاع .