جميعها من هذا القبيل ، واختصاصهما بما إذا كان اللّفظ موضوعاً بالوضع العام ، كما في جميع هيئات المشتقات من الأفعال ، وأسماء الفاعل ، والمفعول ، والصفات المشبهة ، وكان وضعه قريباً من الوضع العام ومتشبّهاً به كما في المجازات ، وكيف كان ، فموردهما الأوضاع النوعية لا الشخصية .
أقول : لا يخفى ما في تعيينه دام عمره مورد الاطراد وعدمه فيما ذكره ، لأنّا لم نجد منهم من يفسّره بما قد فسّره ، بل كل من راجعنا كلامه هنا ، رأيناه مفسراً للاطراد باستعمال اللّفظ في المعنى المفروض ، أين ما وُجد هذا المعنى ، بحيث لا يختص استعماله فيه بحال دون حال ، أو مورد دون مورد ، ولا ريب أن الاطراد بهذا المعنى لا يختص بالهيئات ، بل يجري في المواد أيضاً ، بل يجري في المعاني الجزئية أيضاً ، كما هو ظاهر كلام الشيخ محمد تقي ( قدس سره ) (١) ، بل صريحُهُ في بيان معنى الاطراد ، وهو أعني كلامه الذي يدل عليه صريحاً ، قوله ( قدس سره ) ويصح إطلاقه على مصاديق ذلك المعنى إذا كان كليّاً من غير اختصاص له ببعضها .
هذا مضافاً إلى أنّ الدليل الذي ذكره المثبتون لكون الاطراد دليلاً على الوضع جار في جميع الموارد ، وتصوير الاطراد في المعنى الجزئي بأن نرى أنّ لفظاً يستعمل في معنى جزئي في مورد ، فنشك في أنّ هذا اللّفظ علم لهذا المعنى الجزئي ، أو المستعمل فيه مجازٌ ، باعتبار وجود صفة فيه حال الاستعمال تكون هي علاقة بينه وبين المعنى الحقيقي للّفظ ، فإذا رأينا استعماله فيه ـ أيضاً ـ مع فقد تلك الصفة ، فيكون ذلك هو معنى الاطراد ، فيكون دليلاً على وضع اللّفظ لنفس ذلك المعنى الجزئي من دون مدخلية لشيء من الأوصاف والأحوال ، مثلاً إذا رأينا استعمال لفظ الأسد في شخص شجاع ، فشككنا في أنّه استعمل فيه مجازاً باعتبار الشجاعة ، أو أنّه علم له ، وموضوع له بوضع آخر ، فحينئذ إذا رأينا استعماله فيه بعد زوال الشجاعة منه ـ أيضاً ـ فيثبت اطراده فيه ، فيكون دليلاً على كونه علماً له .
نعم اختلف القائلون بكون الاطراد دليلاً في أنّه دليل مطلقاً ، أو في بعض الموارد ، وهذا لا دخل له باختلاف معنى الاطراد .
هذا كله مضافاً إلى أنّ ما فسره من مورد الاطّراد ، لا يشمل المبهمات ، كما لا يخفى ، لكون المصاديق فيها معاني حقيقية .
___________________________
(١) هداية المسترشدين : ٥٢ .