وأمّا ثانياً : فبالمنع من وقوع استعمال الكلي في الفرد ، إذ القدر المعلوم من المحاورات العرفية إطلاق الكلي ، وإرادة الفرد عنده ، وأمّا إرادته من خصوص اللّفظ ، فلم يعلم بوقوعها إلى الآن في مورد من المحاورات العرفية ، فإذن كيف يمكن دعوى استعمالها ـ أي الكليات ـ في الأفراد فضلاً عن اطرادها .
وأمّا ثالثاً : فبالمنع من ثبوت الاطراد على تسليم الجواز والوقوع ، إذ لا ريب أنّ استعمال اللّفظ في خصوص المعنى المجازي يرجع إلى الحمل الذاتي ، وذلك لا يصح في الكل والفرد ، إلّا إذا كان الفرد ممّا يمكن دعوى انحصار الكلي فيه ادّعاء ، ولا يخفى أنّ تلك الدعوى لا تصحّ إلّا إذا كان الفرد جامعاً لجميع صفات الكلي ، ولا ريب أنّه ليس جميع أفراد الكلي بهذه المثابة ، ففي المثال الأوّل لا يجوز ذلك بالنسبة إلى البليد ، بل ينحصر مورده في الكامل في الإنسانية ، فإذن لا اطّراد ، فلا نقض .
لا يقال : هذا تسليم الاطراد بالنسبة إلى الأفراد الكاملة ، فيرد النقض بالنسبة إليها .
لأنّا نقول : إنّ إرادة الأفراد الكاملة بعنوان الحصر الادّعائي ، ليست من المجاز في شيء ، بل الأفراد حينئذٍ معان حقيقية للّفظ ، وهو مستعمل في حقيقته ، وإنّما وقع التصرف في أمرٍ عقليّ ، وهو دعوى كون الفرد الكامل عين الكلي .
وبعبارة اُخرى : إنّ اللّفظ مستعمل في الفرد الكامل بعنوان كونه نفس الكلي ، الذي هو المعنى الحقيقي لا بعنوان كونه فرداً منه فلا مجازية في اللّفظ أصلاً ، فالاطراد حينئذٍ لذلك فلا نقض على ذلك ؛ لأنه لا ريب في كون الاستعمالات ـ الواقعة عن خطأ في الموضوع له ، كأن رأى شبحاً ، فاعتقد أنّه الأسد ، فقال رأيت أسداً ، ثم انكشف أنّه الحمار مثلاً ، أو غيره ـ حقيقةً ، مع أنّ المستعمل فيه اللّفظ غير الموضوع له ، فإن السرّ فيها أيضاً أنّه استعمل الأسد مثلاً في الحمار ، بعنوان كونه الحيوان المفترس ، لا بعنوان كونه حماراً .
وأمّا في النقض باطراد استعمال الأسد في
الشجاع ، فبأن الاطراد ، كما عرفت معناه جواز الاستعمال أينما وجد ملاكه ، ولا ريب أنّ ملاكه في مثل استعمال الأسد في
الشجاع هي المشابهة ، لا الشجاعة ، فإنّ الشجاعة ليست من إحدى العلائق المجوزة للاستعمال المجازي ، بل العلاقة المجوزة له في المقام هي المشابهة خاصة ، التي هي
من إحدى العلائق المعتبرة المجوزة له ، ولا ريب أنّ استعمال لفظ الأسد لا يطرد في
موارد هذا الملاك ، لأن المشابهة لا تنحصر في الشجاعة ، بل لها جهات أُخر كضخامة الجثّة ، أو