القرينة ، فهي حينئذ لا تكون مفيدة للعلم .
نعم مفيدة للظن المعتبر المستند إلى أصالة عدم القرينة المعتبرة بإجماع العقلاء وأهل اللسان .
وكيف كان فحاصل كون صحة التقسيم علامة ، أنّها علامة للاشتراك المعنوي إذا دار الأمر بينه وبين الحقيقة والمجاز ، وهذا مراد العلامة والفخر وجماعة من الاصوليين ، من كون (١) صحة التقسيم دليلاً على وضع اللّفظ للقدر المشترك على ما نسب إليهم .
وتوضيح الحال ، ورفع الإجمال عن المقال : أنّ صحة التقسيم دليل على كون القسمين فردين للمقسم بداهة ، إذ لا يعقل تقسيم الشيء إلى نفسه وإلى غيره ، فإن علم أنّ التقسيم تقسيم للمعنى الحقيقي دل ذلك على نفي الحقيقة والمجاز ، وإلّا فلا بد في إثبات كون اللّفظ حقيقة في المقسم من التماس دليل آخر كما ذكرنا ، وحيث خفي المراد على بعض من أنكر عليهم فقال : إنّ صحة التقسيم لا تدل على كون اللّفظ حقيقة في المقسم بنفسها ، بل بعد البناء على مختار السيد ، من أنّ الأصل في الاستعمال الحقيقة ، ولم يتفطن إلى أنّ هذا الكلام في مقام رفع احتمال كون اللّفظ حقيقة في هذا القسيم ومجازاً في الآخر ، لا في مقام رفع احتمال كون اللّفظ مجازاً في المقسم ، فتدبر .
ومن الطرق العلمية الاستقراء : وهو تتبّع موارد الاستعمالات ، كما في استنباط الأوضاع النوعية ، والقواعد الكلية كأوضاع المشتقات ، وأوضاع الأحوال الإعرابية ، مثل الرفع للمسند إليه ، أعني الفاعل ، والنصب للمفعول ، وسائر متعلقات الفعل ، وأمّا الأوضاع الشخصية المتعلقة بالموادّ فلا مسرح له فيها .
وذكر بعض المحققين أنّه يمكن استفادتها أيضاً من الاستقراء بملاحظة استعمالات اللفظ في جزئيات معنى ، فيعلم بوضعه لذلك المعنى الكلي الجامع .
وفيه : أنّ مجرد الاستعمالات في جزئيات معنى لا يفيد العلم بوضعه له إلّا بعد مراعاة قواعد اُخر ، مثل أصالة عدم الاشتراك ، ومرجوحية المجاز بالنسبة إلى الاشتراك المعنوي ، فيخرج بذلك عن استناد العلم بالوضع إلى نفس الاستقراء ، كما هو شأن العلامة .
___________________________
(١) في الأصل ( عدم صحة التقسيم دليلاً . . ) . والصحيح ما اثبتناه في المتن .