كيف يمكن كونها ـ مؤثّرةً في الإرادة .
ثمّ إنّ قوله وأمّا بطلان التالي فبالوجدان ، كأنّه اشارة إلى ما ذكر بعض فحول السادات ، وهو الوجه الآتي .
الرابع : ما ذكره بعض فحول السادات ، ولعله السيد الكاظمي (١) ( قدس سره ) ، من أنّ سد باب التفاهم يوجب انتفاء فائدة البعثة ، وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب ، وفساد النظام .
أقول : توضيح الاستدلال ، أنه إذا لم يجز حمل الالفاظ على حقائقها عند التجرد ، فيلزم سد باب التفهم ، نظراً إلى قيام احتمال عدم إرادة الحقيقة في جُلّ الألفاظ الصادرة إن لم نقل كلها ، إمّا بأن يراد منها المعنى المجازي ، أو لم يرد منها شيء أصلاً ، وحصول العلم في بعض المقامات بالمراد لا ينفع في أكثرها ، فإذا انسدّ باب التفهم ، فيخلو البعثة ، وإرسال الرسل ، وإنزال الكتب عن الفائدة ، فإن فائدتها تبليغ الأحكام إلى المكلفين ، ومن المعلوم أنّ طريق التبليغ والتفهيم منحصر في الألفاظ وإلقائها مجردة عن القرينة ، فإذا فرض انسداد باب التفهّم منها فلا يحصل التبليغ بها .
ولو قيل إنّه مع الشك في المراد يرجع إلى الرسول في بيانه ، فهو مردود بأنّ البيان أيضاً بلفظ مثل هذا اللّفظ ، فيتسلسل ، أو يدور ، وأمّا لزوم فساد نظام العالم فواضح .
هذا ، وفيه : أنّ الترديد بين المجاز والحقيقة في الخطابات الشفاهية في غاية القلة والندرة ، بل الغالب فيها كما نجد من أنفسنا حصول العلم بكون الحقيقة مرادةً عند تجرد اللّفظ عن القرينة ، وحصول الترديد في بعض المقامات لا يوجب شيئاً من المحاذير المذكورة .
الخامس : قوله تعالى « وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ » (٢) استدل به غير واحد من أفاضل المتأخرين ، ولم يبيّنوا وجه الدّلالة ، مع أنها بمكان من الخفاء والسقوط ،
___________________________
(١) ذكره في الوافي في شرح الوافية للسيد محسن الأعرجي الكاظمي ، مخطوط في مباحث الحقيقة ، والمجاز في تأسيس الأصل عند دوران الأمر بين الحقيقة والمجاز واليك نصّه :
وهذا الأصل بالمعنى الأوّل [ أي العلم بالوضع والشك في المراد ] ممّا لا نزاع لأحد فيه ، كيف ولولا ذلك لامتنعت فائدة الوضع وبطل التفاهم ، بل وانتفت فائدة البعثة وإرسال الرّسل وإنزال الكتب وفسد النّظام .
(٢) إبراهيم : ٤ .