[ المتيقن من ذلك ] (١) على تقدير تسليمه وصلاحيته لكونها دليلاً على المدعى ، إنّما هو اعتبار ظواهر الكتاب والسنة فحسب ، فلا يثبت تمام المدعى ، كظواهر المحاورات العرفية والأقارير والدعاوى ونحوها أيضاً .
نعم يمكن الاستدلال بالإجماع على تقدير ثبوته ، فيما إذا فرغنا عن اعتبار الظواهر عند العرف والعقلاء ، ثم أردنا اعتبار ذلك شرعاً أيضاً بدليل الإجماع ، بأن يتمسك به على إمضاء الشارع لطريقهم .
لكن هذا أيضاً لا يستقيم للقطع بعدم انفراد الشارع في طريقة محاوراته ، ومخالفة طريقته لطريقة أهل العرف في محاوراتهم ، وهذا ضروري لا حاجة في إثباته إلى الاستدلال .
السابع : ما ذكره الشيخ محمد تقي (٢) ( قدّس سرّه ) ، مما حاصله أنّ فائدة الوضع في غير المشتركات إنّما هي تأدية المعنى المقصود بسهولةٍ ، وهذا إنّما يحصل إذا جعل الواضع الألفاظ بأنفسها كافية في تأدية المعاني الموضوع لها تلك الألفاظ ، من غير حاجة إلى ضميمة قرينة ، ولأنّه تطويل بلا طائل ، والغالب في الاستعمالات النظر إلى تلك الفائدة ومراعاتها ، فإذا صدر اللفظ الموضوع لمعنى مجرداً عن القرينة الصارفة ، فمقتضى الغلبة كون المتكلم مريداً للحقيقة فإنّ إرادتها من هذا اللفظ الموضوع لها مجرداً عن القرينة هي الفائدة المذكورة ، هذا حاصل ما استفدنا من كلامه قدّس سرّه .
لكن يرد عليه أنّ الغلبة المذكورة إنّما تقتضي كون المتكلم مقتصراً بذلك اللفظ وحده عند إرادة الحقيقة ، وأمّا إذا تعلق غرضه بإرادة المجاز ، فالغلبة لا تنفي احتمالها .
نعم لو ثبت من الواضع أيضاً عدم جواز استعمال اللفظ في المعنى المجازي بلا قرينة ، وكان الغالب مراعاة ذلك ، فهذا يفيد أنّ المقصود هو الحقيقة .
والحاصل أن مرجع الغلبة التي ادعاها ، أنّ الغالب ـ فيما إذا كان المتكلم في مقام إرادة الحقيقة ـ إطلاق اللفظ مجرداً عن القرينة الكاشفة عن الحقيقة ، ولا ريب أنّ هذه لا تنفع ـ في المقام للشك ـ في كونه مريداً لها ، فيكون الاستدلال بتلك الغلبة على كونه مريداً لها دورياً ، كما لا يخفى .
نعم ، لو ثبت أنّ الغالب ـ فيما إذا أطلق اللفظ مجرداً عن القرينة الصارفة ـ
___________________________
(١) في الأصل ( القدر بذلك ) وما اثبتناه هو الصحيح .
(٢) هداية المسترشدين : ٣٨ .