السّابق ، فحينئذ ينبغي توجيهه بهذا الوجه أيضاً .
ووجه الأنسبيّة سلامته ـ حينئذ ـ عمّا أورد شيخنا الاُستاذ عليه ـ عند توجيه ـ التفصيل الأوّل من عدم جريانه في حق غير المشافه وإن قصد إفهامه .
وكيف كان ، ففي كلّ من الوجهين نظر :
أمّا الأوّل : أعني حجة المشهور ، فلأنّه لم يتحقق لنا الاتفاق المذكور في صورة المشافهة ، بأن يكتفي أهل اللسان في مقام الشفاه بظاهر اللفظ ، مع احتمال إرادة خلافه ، واختفاء القرينة لأجل الغفلة عنها من دون سؤال ، مع التمكن منه بلا مشقة ، مع أنّه لا يتعقل التّعبد بالشك من العقلاء من دون آمر لهم عليه ، كما هو المفروض .
وكيف كان ، فنحن نسلّم أنّ عمل أهل اللسان ـ في محاوراتهم الخارجية ـ على حمل اللّفظ على حقيقته من دون توقّف ، لكنه لم يعلم من حالهم أنّ ذلك لأجل حصول العلم لهم ، نظراً إلى بعد احتمال الغفلة ، بحيث يحصل القطع بعدمها عادة ، ويكون احتمالها مجرد الإمكان العقلي ، أو أنّه مع قيام احتمال الغفلة .
وتمام الخطب إنّما هو بإثبات الاحتمال الثاني ، ولو في بعض الموارد .
ومن هنا ظهر اندفاع ما لو قيل بعدم قبول الاعتذار من العبد في تركه العمل بظاهر الخطاب الصادر من مولاه باحتمال إرادة خلافه ، وغفلته عن فهم القرينة ، لما قد عرفت من الجواب عن ذلك في أصالة الحقيقة .
وحاصله كما ـ هنا ـ إجمال جهة البناء ، بأنّه هل هو من جهة حصول العلم عادة ، فلا يسمع دعوى العبد واعتذاره ، أو من جهة قيام الظاهر حجة عليه مع احتمال إرادة خلافه ، واختفاء القرينة ، فإذا لم يثبت ذلك في بعض الموارد ، فلا يمكن القول باعتبار الأصل المذكور مطلقاً .
نعم الإنصاف ثبوت ذلك في الخطابات الغيبية ، كما سيجيء بيانه ، لكنّه لا يكفي في دعوى الإطلاق .
وأمّا الوجه الثاني : فظهر الجواب عنه ممّا قرّرنا في الجواب عن الأوّل ، من عدم ثبوت سيرة أهل اللسان ـ مع التّمكن من تحصيل العلم بالسؤال بلا مشقة ـ على العلم بأصالة عدم القرينة ، والبناء على عدم الغفلة مع احتمالها ، فظهر بطلان التفصيلين كليهما .
أمّا الأوّل منهما : فلأن المدعى فيه إثبات اعتبار أصالة الحقيقة عند الشك بالنسبة إلى من قصد إفهامه ، سواء كان مشافهاً أو غائباً .