القرينة ، ويراد بها البناء على عدم القرينة عند احتمالها ، وإنّما خصّصناها بالبحث ، مع أنّها كسائر الاصول المتوقف عليها أصالة الحقيقة ، لأنّه لا خلاف ـ ظاهراً ـ في اعتبار غيرها من الاصول المتقدمة ، وإنّما الخلاف فيها .
فنقول : الأكثرون ، ومنهم شيخنا الاُستاذ دام ظله على اعتبارها مطلقاً (١) .
ويظهر من المحقق القمي (٢) ( قدس سره ) ومن المعالم (٣) أيضاً على أظهر الاحتمالين فيه التفصيل بين من قصد إفهامه ، وبين من لم يقصد ، باعتبارها للأوّل وبعدمه للثاني .
والمحكي عن ظاهر بعض ، والمحتمل من كلام صاحب المعالم (٤) التفصيل بين المشافه ، وبين الغائب ، باعتبارها للأوّل ، دون الثاني .
حجة القول الأوّل : الاتّفاق من العلماء ، وأهل اللسان في كل زمان على اعتبارها مطلقاً ، غاية الأمر أنّ بناءهم على الفحص في الخطابات الغيبية ، لكنهم بعده لا يتوقفون في حمل اللفظ على حقيقته لأجل احتمال القرينة ، بل يبنون على عدمها حينئذ ، ويحملون اللفظ على حقيقته .
والّذي يمكن أن يوجّه به التفصيل الأوّل ، ما ذكره شيخنا الاُستاذ ( دام ظله ) من تسليم الاتّفاق فيما إذا كان احتمال القرينة من جهة احتمال الغفلة عنها ، فحينئذ يبنى على عدمها ، لأصالة عدم الغفلة ، فإنّها ، كما كانت معتبرة بالنسبة إلى المتكلم ، فكذلك معتبرة بالنسبة إلى غيره ، وأمّا إذا كان الاحتمال المذكور ناشئاً من احتمال اختفاء القرينة ، لعروض مانع غير الغفلة ، فلا اتّفاق حينئذ ، فيتوقف اعتبارها ـ حينئذ ـ على إثبات الانسداد في الأحكام ، فيخرج عن محلّ الكلام ، فإنّه في إثبات كونها من الظنون المخصوصة الغير المتوقف اعتبارها على المقدمة المذكورة .
وأمّا التفصيل الثاني ، فهذا التوجيه أنسب له منه بالنسبة إلى التفصيل
___________________________
(١) فرائد الاُصول ٤٢ ، ٤٣ في الجواب عن تفصيل المحقق القمّي في حجيّة ظواهر الكتاب .
(٢) القوانين ج ١ : في آخر مسألة حجيّة الكتاب : ٣٩٨ ، ٤٠٣ عند قوله ومن جميع ذلك ظهر أنّ حجيّة ظواهر القرآن الخ وكذا في أوّل مسألة الاجتهاد والتقليد ج ٢ : ٣٠٦ ، ٣٠٧ عند قوله : فإن قلت الدّليل عليه انه ظاهر الكتاب مثلاً وهو حجة اجماعاً الخ فراجع فان ما أفاده في هذا المبحث الاخير دال على التفصيل المنسوب اليه بنحو أوضح .
(٣) معالم الاصول : ١١٢ أصل ما وضع لخطاب المشافهة الخ ، بضمّ ما أفاده في مبحث خبر الواحد : ١٩٣ حيث قال : لانا نقول احكام الكتاب كلّها من قبيل خطاب المشافهة وقد مرّ انه مخصوص بالموجودين في زمان الخطاب الخ .