وجعل الثمرة بين هذا القول ، وبين القول الثالث ـ أي اعتبار الظن الشخصي ـ أنّه يحمل اللفظ في الأمثلة المذكورة ، وهي المجاز المشهور وأمثاله على المعنى الحقيقي على هذا القول ، ويتوقّف على القول الثالث .
أقول : في نسبته ( قدّس سرّه ) هذا القول إليهم نظر ، بل منع ، فإنّ منهم صاحب المعالم ، ولا يخفى أنّ كلامه في آخر مسألة الأمر في الفائدة التي ذكرها ، التوقف في المجاز المشهور ، فهو ظاهر في موافقته للقول الأوّل ، ولعلّ غيره من المحققين المذكورين كلماتهم أيضاً هكذا ، فاستظهر السيّد صاحب المفاتيح منها هذا القول ، وكيف كان فنسبة هذا القول إلى صاحب المعالم لا أعرف له وجهاً .
وأما غيره فلا بد من الرجوع إلى كلماتهم ، فلعله يظهر لنا غير ما ظهر للسيد المذكور ( قدس سره ) .
والمحكي عن المحقق الخوانساري (١) والد جمال الدين الخوانساري ( قدس سرهما ) اختيار الثالث .
حجة كل واحد من الأقوال ، إنّما هي طريقة أهل اللسان ، وسيرتهم ، فإن كل واحدة من الجماعات يدّعون سيرة أهل اللسان على طبق القول الذي اختاروه .
والذي يقوى في النظر هو القول الأول للأكثر ، من حمل اللفظ على حقيقته مطلقاً إلى أن يعلم بالقرينة فيما لم يكتنف اللفظ بشيء متصل من حال ، أو مقال يصلح لكونه قرينة ، فإن الذي نجده نحن من طريقة أهل اللسان ـ فيما يعتبرون أصالة الحقيقة ، ولا يوجبون تحصيل العلم بالمراد ـ البناء على حمل اللفظ على ظاهره العرفي ، و هو الظاهر الذي يفهمه العرف من اللفظ مجرداً عن القرينة ، وإن لم يحصل الظن لهذا الشخص ، أو حصل له الظن بالخلاف من الامور الخارجية الغير المكتنفة باللفظ ، فظهر ضعف القول الثالث .
ولعلّ المحقّق المذكور ( قدس سره ) نظر إلى الإشكال الذي أوردناه على اعتبار أصالة الحقيقة في حال التخاطب من عدم تعقل العقلاء التعبد بالشك . ولكن هذا الإشكال يناسب لاختيار التفصيل ـ ثمة ـ لا فيما نحن فيه ، إذ بعد البناء على اعتبار أصالة الحقيقة ، فلا ريب أنها لا تفيد القطع ، بل المراد معها مشكوك ، فلا وجه للتفصيل هنا لذلك .
___________________________
(١) لاحظنا نسختين ولكن كانتا ناقصتين وما عثرنا على نسخة كاملة .