الكلام فيه في تعارض ظاهري الخطابين ذاتاً أو عرضاً ، كما عرفت بعد البناء على صدورهما .
ثم إنه بناء على ثبوت تواتر القراءات ، فإن ثبت جواز الاستدلال بكل منها ، فيمكن الاستظهار المذكور أيضاً ، إذ به يعلم أنه ليس النزاع في ترجيح نفس إحدى القراءات على الاُخرى ، بل الترجيح والتعارض إنما هو من حيث التمسك بظواهرها .
وأما مع عدم ثبوت ذلك أيضاً ، فيشكل الاستظهار ، لدوران الاحتمال بين أن يكون انتزاعهم (١) وملاحظتهم التعارض والترجيح ، من حيث السند والظهور ، وبين أن يكون الاستدلال بظاهرها .
هذا مع أنه يحتمل حينئذ أن يكون ذلك ـ أي البحث وملاحظة التعارض والترجيح ـ من حيث جواز القراءة بها وعدمه ، بأن يكون القراءة موضوعا للحكم الفرعي ، ولم يكن غرضهم إثبات كون القراءات طرقاً ، وموضوعات للحكم الاُصولي ، أعني الطريقية ، والاستدلال ، واستكشاف الأحكام الفرعية بها .
هذا ، ولكن يمكن تنزيل كلامهم ـ ثمة ـ ، على القول بعدم التواتر ، وعدم ثبوت الاستدلال بها ، فيخرج عما نحن فيه ، ويؤيده أو يدل عليه قولهم بالتخيير ثمة بعد فقد المرجحات الغير الراجعة إلى الدلالة فراجع وتأمل .
قال السيد الكاظمي ، في شرح الوافية (٢) علىٰ ما حكى عنه قدّس سره ، لما كانت القراءات السبع المعتبرة . كلها قرآناً ، كانت إذا اختلف اثنتان منها في حكم ، بمنزلة خطابين متعارضين ، والضابط في ذلك عند الأكثرين التخيير .
وذهب قوم من العامة إلى التساقط والرجوع إلى الأصل ، ثم لمّا كان ذلك مبنيّاً على تكافؤ القراءات وانتفاء الترجيح ، وكان
___________________________
(١) كذا في الأصل والصحيح ظاهراً ( التزامهم ) .
(٢) الوافي في شرح الوافية ( مخطوط ) في تعارض القراءات واليك نصّه :
فالمشهور التخيير . . . لما كانت القراءة المعتبرة كلّها قرآناً كانت اذا اختلفت ثنتان منها في حكم بمنزلة خطابين متعارضين والضّابط في ذلك عند الأكثرين التخيير ، وذهب قوم من العامّة الى التساقط والرجوع إلى الأصل ثم لما كان ذلك مبنيّاً على تكافؤ القراءات وانتفاء الترجيح وكان ذلك على إطلاقه محل نظر رجح العلامة ره القراءتين المذكورتين لظهور المرجح بالسّلامة مما استقامت السنة الفصحاء على خلافه من الإمالة والإشمام ونحوهما فيجب الأخذ بما يقتضيانه دون ما عداهما فقد ظهر المستند الذي يجب التعويل على مثله فالاولى الرجوع فيه الى تفسير حملة الذكر عليهم السلام أي في الحكم الذي اختلف باختلاف القراءة وانت تعلم انّ الرجوع الى ما ثبت عنهم كاف في الباب ولا يتوقف على التفسير .