يقال : إنّ فائدة الاشتراك بيان المعنى بنحو الإجمال ، فإنّ كلّاً من التعيين والإجمال ليسا بأنفسهما حسنين ، أو قبيحين ، أو مختلفين ، بل إنّما يختلف حكمهما باختلاف مقتضيات الأحوال ، فقد يقتضي الحال الإجمال ، وقد يقتضي التفصيل والتعيين .
وكيف كان ، فلا مزية للنقل من هذه الجهة على الاشتراك .
مع أنّ هذه على تسليمها لا تتمّ مطلقاً ، حتى فيما احتمل النقل بسبب غلبة الاستعمال ، بأن احتمل حدوث الوضع للمعنى الثاني بسبب الغلبة لما قد عرفت أنّ الدوران المذكور ، إنّما يتصوّر في فعل الواضع ، ولا ريب أنّه لا واضع في النقل التعيني ، فإنّ السبب لحصول العلقة إنّما هو غلبة الاستعمالات ، ولا يعقل الترديد المذكور عند المستعملين كما عرفت ، فإنّ أولوية النقل في الوضع التعييني لا تثبت كون اللفظ حينئذ منقولاً إلى المعنى الثاني ، لاحتمال أنّ العلقة قد حصلت بسبب غلبة الاستعمال ، وعلى تقديرها لا ربط للأولوية المذكورة في تعيين كون اللفظ مهجوراً عن المعنى الأصلي بسبب الغلبة .
هذا في صورة احتمال ذلك ، فكيف بما إذا علمنا بانحصار سبب العلقة بين اللفظ وبين المعنى الثاني في الغلبة .
اللّهم إلّا أن يقال : إنّه لا يحتمل الاشتراك حينئذ ، كما هو المختار المشار إليه سابقاً ، وفي مسألة المنقول والمشترك ، فيخرج عن الفرض فيما نحن فيه ، فتدبّر .
والتحقيق : انّ المعتمد في استكشاف الأوضاع أو المرادات ، إنّما هي الوجوه الآتية الراجعة إلى آثار المدلول ، دون الوجوه الآتية الراجعة إلى مقتضياته . وكيف كان ، فالحقّ ، في الفرض المذكور هو تقديم النقل مطلقاً .
ولنا على ذلك : غلبة النقل في مثل المقام مطلقاً .
وربّما يتمسّك على تقديم الاشتراك
بأصالة عدم الهجر ، وبقاء اللفظ على المعنى الأصلي ، لكن ما ذكرنا من الغلبة ، إمّا واردة على هذا الأصل ، بناء على
كون الاصول العقلائيّة ، كالشرعيّة أحكاماً تعليقية معلقة على عدم وجود دليل وأمارة ،
فإنّ الغلبة أمارة فلا يبقى للأصل المذكور موضوع حينئذٍ ، وإمّا حاكمة عليه ، بناء على
اعتبار تلك الاصول من باب الغلبة ، وكونها طرقاً ظنيّة لا أحكاما عقليّة ، فإنّ مرجع
الأصل المذكور ـ حينئذ ـ إلى غلبة جنسيّة ، وهي غلبة بقاء كلّ شيء على ما كان ، وعلى حالته السابقة ، أو نوعيّة ، وهي غلبة بقاء الاعدام على حالتها السابقة وعدم
انقلابها ،