لكنّا في هذا المقام نعتمد على الغلبة إن كانت ـ أعني غلبة الإرادة ـ ولا نستعمل ما ذكروه من الوجوه الآتية في استكشاف المراد ، وأمّا اعتبار تلك الغلبة فسيجيء الكلام فيه .
الثاني : قوله القدر المسلّم هو غلبة المجاز على غيره من الخمسة ، إذ لا يخفى أنّ التخصيص والتقييد أغلب من غيرهما ، حتّى المجاز ، وإنْ أراد بالمجاز ما يشملهما لم يبق لقوله من الخمسة معنى ، كمٰا لا يخفى .
الثالث : قوله ( وأمّا غلبة غيره على غيره فلا . ) إذ لا يخفى أنّ غلبة بعضها على بعضها الآخر ممّا لا ينكره ذو نصفة ، كالتقييد بالنسبة إلى غيره ، بل التخصيص بالنّسبة إلىٰ غير التقييد .
الرّابع : قوله ( وأغلبية المجاز إنّما تكون في أكثر كلام أقل العرب ، فإنّ أغلبيّة المجاز على الإضمار ، أو النقل لا يختصّ بكلام متكلّم ، وأيّ عربي ظهر أنّ الاضمار مثلاً في كلامه بقدر المجاز ، وعلى هذا فقس .
الخامس : قوله ( إذ ليس أكثر العرب أكثر كلامهم إلّا المعاني الحقيقيّة ، من اللّغوية وغيرها . . . الخ ) إذ لا يخفىٰ ما فيه من الخلط والاشتباه ، إذ الكلام ليس في أغلبيّة المجاز من الحقيقة ، ولم يقل أحد بترجيحه عليها ، كما سبق ، بل الكلام في أغلبية المجاز ـ مثلاً ـ بالنسبة إلى سائر الوجوه المخالفة للأصل ، ولا يقدح في هذه الغلبة ، كون الحقائق أغلب .
السّادس : ( قوله ومن أين إثبات هذا ) فإنّه إن أراد إثبات أنّ الشارع من الأقل الذي يغلب مجازات كلامه على حقائقه ، فقد عرفت خروجه عن محلّ الكلام ، وإن أراد إثبات كونه من الأقل الّذي يغلب مجازات كلامه على سائر الوجوه المخالف للأصل ، فقد ظهر أنّ أغلبية المجاز من الاضمار لا يختص بعربيّ دون عربيّ .
السّابع : قوله ( إذ الإجماع الّذي هو دليل الحقيقة لم يثبت في المجاز ) لأنّا قد أسلفنا الكلام في وجه التعويل على أصالة الحقيقة أنّه ليس دليلاً تعبّديّاً من الشارع من الإجماع ، وغيره ، بل هو من الاصول العدمية التي ثبت اعتبارها ببناء العقلاء .
وقد ظهر ممّا ذكرنا ـ في مسائل الدّوران
ـ أنّ جملة من الترجيحات مستندة إلىٰ تلك الاصول أيضاً ، فلا يبقى مجال لمطالبته بالدّليل ، إلّا ما عدا تلك
الجملة ، ممّا لا ينهض فيه أصل سالم عن مزاحمة المعارض ، وقد ظهر أنّ ما عدا تلك الجملة