المستعمل في وضع أوّل مساوٍ للفظ الحقيقة ، وقوله : شرعي مساوٍ للفظ الشرعية ، من حيث وضوح الدّلالة وخفائها ، نعم الفرق بين الأولين بالإيجاز والإطناب ، فحينئذ يرد عليه أنّ العدول عن الأوّل إلى الثاني مع تساوي دلالتهما من أقبح المعايب ، فتأمل .
الثالث : انه لا بد أن يكون الفصل بحيث يميّز المحدود عما عداه ، وقوله : ( شرعي ) أعم منه ، حيث إنّ المراد به ما كان مسبباً من فعل الشارع ، والمفهوم من قوله المذكور عرفاً ، أعم منه لصحة إطلاقه على الحقيقة المتشرعية ، فانه يصح إطلاق الشّرعي على ما كان مسبباً منهم ، ومن فعلهم ، من حيث كونهم متشرعين .
الرابع : انّ الوضع ظاهر في التعييني ، فيختص الحدّ بالمنقولات الشرعية التعينية ، مع أنّ المحدود أعم منها ، وهو من أفضح الفساد في التعاريف .
اللّهم إلّا أن يدّعىٰ نقله إلى الأعم ، وهو نفس العلقة الحاصلة بين اللّفظ والمعنى ، سواء كانت مسببة من فعل الواضع ، أو من غلبة الاستعمالات ولا يبعد .
الخامس : انّ قوله ( أوّل ) الظّاهر منه عدم كون الوضع مسبوقاً بوضع آخر ، كما مرّ في مبحث الحقيقة والمجاز في كلام العضدي (١) ، حيث إنّه عرّف الحقيقة بأنه اللّفظ المستعمل في وضع أول ، ولا مرية أنّ حمله عليه هنا موجب لخروج المحدود بجميع أفراده من الحدّ ، حيث إنّه لا حقيقة شرعية إلّا أنّه مسبوق بوضع لغويّ ، وإن حمل على عدم ملاحظة سبق وضع عليه ، فمع أنّه خلاف الظّاهر بلا قرينة تدلّ عليه موجب لخروج المنقولات الشرعيّة تعييناً أو تعيناً من الحدّ ، مع أنّ كلّ أفراد المحدود الموجودة في الخارج أو جلّها منها .
اللّهم إلا أن يراد به الأوّل بحسب الرتبة ، وهو الوضع الحقيقي المقابل لوضع المجازات ، فيندفع الاشكال المذكور ، فانه يقال لوضع المجازات ، إنه وضع ثانوي فبمقابلته لوضع الحقائق يصير ذلك أوليّاً ـ أي متقدماً عليه من حيث الرتبة ـ ولعله هو المراد ، وكأنه أظهر بقرينة المقام ، وإن كان لفظ الأول متساوي الدلالة السّببيّة إلى التقدمات الأربعة الزماني ، والمكاني ، والشرفي ، والرتبي المعبر عنه بالذاتي .
السادس : انّ كلمة ( في ) إمّا مختصة بالظّرفية أو مشتركة بينها وبين السّببية ،
___________________________
(١) شرح المختصر للعضدي مخطوط في تعريف الحقيقة وإليك لفظه : وفي الاصطلاح اللفظ المستعمل في وضع أوّل أيْ بحسب وضع أوّل ، كما يقال : هذا يستعمل في وضع الشرع أو وضع اللغة لكذا .