منها : التفصيل بين ألفاظ العبادات والمعاملات ، فقيل بالثبوت في الاولى وبالنفي في الثانية .
ومنها : التفصيل بين الألفاظ الكثيرة الدوران كالصلاة ، والزكاة ، والصوم والوضوء والغسل ونحوها ، وبين غيرها مما ليس بتلك المثابة فقيل بالثبوت في الاولى دون الثانية .
ومنها : التفصيل بين عصر النبي صلى الله عليه وآله ، وبين عصر الصادقين ( ع ) وما بعده فقيل بنفي الحقيقة في الاولى إلى زمان الصادقين ، وثبوتها في زمانهما عليهما السلام وما بعده .
ومنها : التفصيل الملفق من التفصيل في الألفاظ والأزمان ، وهو التفصيل بين الالفاظ الكثيرة الدوران في زمان النبي صلى الله عليه وآله ، وفيما عداها في عصر الصادقين عليهما السلام ، ومن بعدهما فقيل بالثبوت في الاولى دون الثانية .
ومنها : التفصيل بين الأزمان والألفاظ أيضاً ، فقال : إن الألفاظ المتداولة على السنة المتشرعة مختلفة في القطع بكل من استعمالها ونقلها إلى المعاني الجديدة بحسب اختلاف الألفاظ والازمنة اختلافاً بيناً ، فأن منها ما يقطع بحصول الأمرين فيها في زمان النبي صلى الله عليه وآله ، ومنها ما يقطع باستعمال النبي ـ صلى الله عيلة وآله ـ إياه في المعنى الشرعي ، ولا يعلم صيرورته حقيقة إلا في زمان انتشار الشرع وظهور الفقهاء والمتكلمين . ومنها : ما لا يقطع فيها باستعمال الشارع ، فضلا عن نقله ، ومنها ما يقطع فيها بتجدد النقل والاستعمال في أزمنة الفقهاء .
هذا تمام ما نسب إليهم من الأقوال ، لكن المتأمل المدقق يعلم أن تلك التفاصيل ليست تفاصيل في المسألة ، فلا تعد هذه أقوالاً مقابلة للقولين الأولين .
وتوضيح ذلك : أنّ محل النزاع على ما عرفت ليس مطلق الألفاظ في مطلق الأزمنة ، بل هي الألفاظ المتداولة في زمان النبي صلى الله عليه وآله ، فحينئذ يصير كل من التفاصيل المذكورة بياناً لمحل النزاع ، وراجعاً إلى أحد القولين الأولين .
أما التفصيل الأول ، فلوضوح خروج ألفاظ المعاملات عما حققنا من ميزان محل النزاع ، فأنها ليست الألفاظ المتداولة في ذلك الزمان ، فعلى هذا يرجع هذا القول إلى القول بالاثبات المطلق ، فإن محل النزاع هي الألفاظ المتداولة ، وهي ألفاظ العبادات ، فالقول بصيرورتها حقائق شرعية قول بها مطلقاً في محل النزاع .