المبدأ بها ؟ أي يجوز التسامح كذلك ؟ فيكون ـ قولنا : زيد أحرق الخشب أو يحرقه أو محرقه ـ مجازاً على الأول ، لقيام المبدأ الذي هو الاحراق بالنار حقيقة ، وحقيقة على الثاني ، لصحة الحكم بقيامه بالذات المحكوم عليها في المثال تسامحاً .
والاشاعرة لما بنوا على القول الأول ، فالتزموا بالكلام النفسي لله تبارك وتعالى ، حيث إن كلامه اللفظي ليس قائماً بذاته المقدسة ، بل حاصل في غيره كالشجرة وأمثالها ، مع إطلاق الصيغ المشتقة منه عليه تعالى في القرآن وغيره من الأدعية المأثورة ، والاخبار المتواترة ، كقوله تعالى « وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا » وكلفظ متكلم في الأدعية ، ومقتضى اصالة الحقيقة في تلك الاطلاقات كون المراد بالكلام غير اللفظي ، وهو ما قام بذاته المقدسة ، فثبت الكلام النفسي .
وتحقيق الكلام في هذا النزاع ، وإن كان له مقام آخر ، إلّا أن الحق هو القول الثاني ، لعدم صحة السلب في المثال المتقدم عرفاً ، وكفى بها حجة ودليلاً . وأما بطلان الكلام النفسي ، فموضع تحقيقه إنما هو علم الكلام ، فراجع مع أنه بديهي بين الامامية .
مضافاً إلى اتفاق المعتزلة من العامة عليه ـ أيضاً ـ فحينئذ لو بنينا على القول الأول في الخلاف المذكور ، فيكون هذا قرينة على التجوّز في الاطلاقات المذكورة .
وكيف كان ، فتارة يلاحظ الحقيقية والمجازية في المشتق باعتبار التلبس المأخوذ في مفهومه وضعاً . وأخرى من جهة اعتبار حصول هذا التلبس وفعليته لما يطلق عليه باعتبار حال إرادة صدقه عليه كذلك .
ومرجع الخلاف المذكور إنما هو إلى الأول ، وحاصله : ان المعتبر في المشتق وضعاً هل هو تلبس الذات المحكوم عليها بالمبدأ بالدقة العقلية ؟ بأن يكون عبارة عن قيامه بنفسها أو الأعم من ذلك كما مر ؟
والذي نحن بصدده في المقام هو الثاني ، إذ الكلام في الأول لا يختص بخصوص الاسم المشتق ، بل في مطلق المشتقات ، بخلاف الثاني لعدم الخلاف في اعتبار التلبس في الأفعال ، باعتبار حال إرادة صدق النسبة الحكمية ، فاطلاقها في غير صورة اتحاد حال صدق النسبة ـ مع حال إرادة ذلك الصدق ـ لا يكون إلّا بتجوز أو تأويل .
وكيف كان ، فلما كان الحيثيتان
المذكورتان مختلفتين ، فتحقق كل واحدة من صفتي الحقيقية والمجازية من إحداهما لا يستلزم تحقق مثل هذه الصفة أو ضدها من الاخرى ، فيجوز تحقق احداهما من كلتيهما ، أو تحقق إحداهما من احداهما ، والاخرى
من