ويمكن اعتبار الإطلاق على وجه لا يكون مجازاً في اللغة ، بادعاء بقاء المبدأ ، واندراج ما انقضى عنه المبدأ في المتلبس به في الحال ، فيكون التجوز عقلياً .
ثالثها : أن يطلق ويراد به المتلبس به في الماضي ، بملاحظة تلبسه به فيه ، من غير أن يؤخذ الزمان قيداً في مفهومه ، نظير الوجه الثاني من وجوه الحال ، ولا ريب في كونه حقيقة ، حيث إنه باعتبار حال التلبس .
رابعها : أن يطلق ويراد به المتلبس بالمبدأ مع تقيد المبدأ بالماضي ، كقولك : ( زيد ضارب في الأمس ) ، بجعل ( في الأمس ) قيداً للضرب المأخوذ في الضارب ، ولا خلاف في كونه حقيقة (١) إذ التصرف وقع في المادّة لا الهيئة ، لكن هذا يخرج عن صورة إطلاق المشتق على الماضي ، بل هو إطلاق له باعتبار الحال ، إذ يصير ضارب في الأمس بمنزلة محمول مفرد ، فيكون مفاد القضية اتصاف الموضوع بهذا المحمول المقيد الآن ، لخلوها عن الرابطة الزمانية ، لأنّ الأمس ـ حينئذ ـ قيد للمحمول لا ظرف للنسبة .
وأما إطلاقه بالنسبة إلى الاستقبال بالنسبة إلى حال النطق ، فيتصور أيضاً على وجوه أربعة ، كما في الماضي ، مع تبديل علاقة ما كان هناك بعلاقة الأول هنا ، ولا كلام ظاهراً في مجازية غير الأخير من الوجوه ، وإطلاق نقل الاجماع في المستقبل يعمّ الجميع ، وأما الأخير ، فلا ينبغي الشك في كونه حقيقة .
وهنا قسم آخر من الاطلاق يختص به ، وهو إطلاقه على المتلبس في المستقبل بعلاقة المشارفة ، ولا ريب في مجازيته أيضاً .
___________________________
(١) قولنا لا خلاف في كونه حقيقة حق على تقدير صحة الاتّصاف ، بمعنى أنّه لو صحّ اتصاف ( زيد ) الآن بالضّرب ، الّذي صدر عنه في الأمس مثلاً ، فإطلاق الضارب عليه الآن حقيقة اتفاقاً ، لكونه مطلقا عليه بالنسبة الى حال تلبّسه بالمبدأ ، غاية الأمر أنه مقيّد ، وهو لا يوجب الفرق ، إلّا أنّ الاشكال بعد في صحة هذا الاتصاف ، حيث ان معناه بالفارسية ( زيد اكنون زننده است بزدن ديروز ) ، ولا أرىٰ صحّة ذلك لما فيه من الركاكة ، كما لا يخفى .
وان كان ولا بدّ فليطلق ضارب على ( زيد ) باعتبار تلبّسه أمس ، فيجعل الضارب بالأمس معرّفاً الآن لزيد ، كما سيأتي تصوير هذا النحو من الاطلاق ، لكنه حينئذٍ يخرج عن صورة اطلاق المشتق مع بعد المبدأ ، وكيف كان فمعنى المثال على هذا بالفارسيّة ( زيد زننده ديروز است ) ولا ركاكة فيه . لمحرّره عفا الله عنه .