وأما الحكم بترتيب جواز اجتماع الأمر والنهي على الإطلاق المبتني على القول بالأعم فممنوع ؛ وذلك لعدم الخلاف ظاهراً في وجود المقتضي لجواز الاجتماع من الإطلاق على القول بالأعم ، ومن الأصل على القول بالصحيح ، وإنما الخلاف في وجود المانع العقلي من امتناع تعلق الطلب بالطبيعة وعدمه ، حسبما يأتي تفصيله ، وإذا ثبت المانع العقلي فلا يترتب على وجود المقتضي أثر ، سواء كان المقتضي هو الإطلاق أو غيره .
هذا كله في الثمرات الحكمية المبتنية على الفرق الموضوعي ، وهو الإجمال والإطلاق المترتبان على قولي الصحيح والأعم ، من حيث الأجزاء والشروط ، ومنها يعلم حال ما يترتب على قولي الصحيح والأعم من حيث الشروط ، لا الأجزاء من ترتب الإجمال والإطلاق بالنسبة إلى الشروط لا الأجزاء المبتني عليهما جميع الثمرات الحكمية بالنسبة إلى الشروط ، لا الأجزاء .
هذا كله ممّا لا إشكال فيه ، إنما الإشكال في التعبير المائز بين مصداق الشرط عن مصداق الجزء من كلام الشارع ، وإن علم من الخارج تحديد الشرط بما كان خارجاً عن ماهية المشروط ، والجزء بما كان داخلاً فيه ، إلا أنه لم يحصل من التعبيرات الواردة في ألفاظ الكتاب والسنة ما يفيد امتياز الشرطية عن الجزئية إلا من الخارج ، حيث إنه كثيراً ما يعبر عن الشرطية والجزئية بتعبير واحد ، كما في قوله عليه السلام ( لا صلاة إلا بطهور ) (١) و ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) (٢) بل قد يعبّر عن الجزء بما يقتضي الشرط ، وعن الشرط بما يقتضي الجزء ؛ إذ كما يمكن أن يقال : يجب الطمأنينة في القيام بعد الركوع ، يمكن أن يقال : يجب المقدار الزائد عن تحقق طبيعة القيام بعد الركوع ، فانحصر سبيل الامتياز بينهما في الخارج عن التعبير والثمرات المتوقفة على الامتياز ، من جريان قاعدة الفراغ عند الشك ، وغير ذلك مما لا يخفى .
___________________________
(١) وسائل الشيعة ١ ، الباب ٤ من ابواب الوضوء ، الحديث ١ .
(٢) صحيح مسلم ١ ، كتاب الصلاة ( ١١ ) باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وأنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلّمها قرأ ما تيسّر له من غيرها ، الحديث ٣٤ ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) .