غسلتان ومسحتان ) (١) وقوله عليه السلام ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ) (٢) ، و ( لا صلاة إلا بطهور ) (٣) ، و ( لا صلاة إلا إلى القبلة ) (٤) إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في بيان الشروط والأجزاء الظاهرة في الاقتصار المقتضي للانحصار .
ومن جملة الموانع أن ألفاظ العبادة وإن كان بالذات لها إطلاق من حيث الوضع للأعم من الصحيح والفاسد ، إلا أن وقوعها عقيب الأمر والطلب قرينة صارفة عن إطلاقها ، ومعينة لإرادة الصحيح منها ، ضرورة أن الشارع لا يأمر إلا بالصحيح .
وللأعمّي أن يجيب أولاً : بالنقض ، بألفاظ المعاملات ، بل بجميع المطلقات الواقعة عقيب الأمر والطلب ، كقوله تعالى ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، و ( أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ) . و ( أعتق رقبة ) إلى غير ذلك ، حيث اتفق سيرة الفقهاء وديدن العلماء على الأخذ بإطلاقها مع وقوعها عقيب الأمر والطلب .
وثانياً : بالحل ، وهو أن معنى الصحة إما موافقة الأمر ، كما هو مصطلح المتكلمين ، او إسقاط القضاء ، كما هو مصطلح الفقهاء ، او مفهوم تام الأجزاء والشروط النفس الأمرية ، او مصداقه الحاصل من صدق اللفظ المقيد بالأجزاء والشروط المعلومة من الأدلة الخارجية ، لا الواقعية .
إذا عرفت ذلك فنقول : وقوع المطلق عقيب الأمر والطلب لا يصلح قرينة لتقييده بالصحة بأحد المعنيين الأوليين ، لما مر من تأخر الصحة بأحد المعنيين الأوليين عن الطلب بمرتبتين ، والمتأخر عن الشيء يمتنع عقلاً أخذه في عرض الشيء وقيداً للشيء ، ولا لتقييده بالصحة بالمعنى الثالث ، فإنّه وان لم يمتنع عقلاً إلّا أنه يقبح عرفاً ، ضرورة استلزام التقييد بالمعنى الثالث ، وهو مفهوم تام الأجزاء والشروط الواقعية لازدياد القيد ، وإجماله الموجب لإجمال المقيد ، وأصالة الإطلاق وعدم التقييد وغلبة البيان تدفعه ، فإن قرينة وقوع المطلق عقيب الطلب لا يقتضى
___________________________
(١) روى نحوه في السنن الكبرى ١ : ٧٢ ، عن ابن عباس .
(٢) انظر ص ٣٣٢ هامش ٧ وص ٣٥٩ هامش ٢ .
(٣) انظر ص ٣٣٢ هامش ٦ وص ٣٥٩ هامش ١ .
(٤) انظر ص ٣٣٢ هامش ٩ .