حجة القول الأوّل : الأصل ، ودعوى انصراف أدلة خبر الواحد إلى ما إذا أخبر العادل بنفس الحكم الشرعي عن المعصوم عليه السلام ، وعدم شمولها لما إذا أخبر بما يكون ممّا يتوقف عليه استنباط الحكم الشرعي .
وحجة القول الثاني : دعوى إطلاق الأدلة المذكورة ، وشمولها لما نحن فيه ، ونفي اشتراط الحجية بشرط ، لأصالة الإطلاق .
لنا على ما اخترنا : أنّه إذا كان المخبِر جمعاً لشرائط الحجية ، فالأدلة دالة على حجية قوله مطلقاً ، سواء كان حاكياً عن الحكم الشرعي ، أو عن غيره ، بحيث يحصل التواتر من الأخبار معنى على ذلك ، وكذا يحصل القطع بالإجماع من الاجماعات المنقولة على هذا المقدار . وأمّا إذا لم يكن جامعاً للشرائط ، فلا دليل على حجيته ، فالأصل عدم الحجية حينئذ ، إذ لا ريب أنّ كل واحد من أدلّة خبر الواحد لا يستقيم لكونه دليلاً على المدّعىٰ إمّا لضعف سنده أو لضعف دلالته ، فلا يجوز التمسك بإطلاق بعض المطلقات منها ، بل دليل حجية خبر الواحد لبّي ، والقدر المتيقن منه قيامه على حجيته ، إذا كان المخبِر جامعاً لشرائط الحجية ، إذ الدليل إنما هو تواتر الأخبار معنى ، وتحصيل الإجماع من الإجماعات المنقولة ، والتواتر والاجماع لم يحصل العلم بهما بأزيد مما اخترنا ، فبما ذكرنا ظهر الجواب عن حجتي القولين الأوّلين .
تذنيب : بعدما بنينا على حجية قول
اللغوي ، وقول العدول ، وخبر الواحد المصطلح في اللغات ، فإنْ صرّح الناقل بحقيقة اللفظ في المعنى او بمجازيته فلا اشكال ، وإلّا
فإن كان قول الناقل إنّ اللفظ الفلاني اسم للمعنى الفلاني ، فالظاهر الحمل على الحقيقة
، لأن الامم حقيقة في الكلمة الموضوعة للمعنى ، وإن كان يستعمل في الأعم ، كما في مسألة الصحيح والأعم ، فإنّ القائلين بنفي الحقيقة الشرعية يقولون إن ألفاظ العبادات
أسامٍ للصحيحة أو الأعم إذ لا ريب أنه ليس مرادهم كونها هي لها حقيقة ، بل مرادهم مستعملة مجازا . وان لم يكن قول الناقل كذلك ، فإن كان بطريق الحمل ، بأن يقول :
إن الصعيد هو وجه الأرض او التراب الخالص ، فإن كان المعنى واحداً فالأصل أيضاً الحقيقة ، لعدم إمكان المجاز بلا حقيقة ، وان كان متعدداً فالظاهر حقيقة المعنى الذي
ينقله أوّلاً ، أخذاً بشاكلة الناقل ، إذا كان من اللغويين وشأنه ، إذ الظاهر أنّه
عارف بالحقيقة والمجاز ، والظاهر أيضاً أنه بعيد في حق العارف تقديم المجاز على الحقيقة
. وأمّا غير المعنى الأوّل ، فإنْ جرى فيه أصالة عدم الاشتراك بأن كان شرائطه موجودةً ،
فيتعيّن كونه مجازا ، وإلّا فالتوقف . والدليل على اعتبار هذا الظهور ـ أعني ظهور حال اللغوي ـ
بناء