احتمال وجوب الزائد شكاً بدوياً ، كما في الأقل والأكثر الارتباطيين في الأجزاء الخارجية ، فحينئذ فالذي يحكم به العقل ، من لزوم الاتيان به هو الأقل ، للقطع باستحقاق العقاب على تركه كائنا ما كان ، لتماميّة الحجة بالنسبة إليه ، وأمّا الزائد عليه فيحكم بالبناء على عدمه ، لعدم الحجة عليه .
فإن قيل : فرق بين ما نحن فيه وبين الأقل والأكثر الارتباطيين في الأجزاء الخارجية ، فإنّه لمّا كان المأمور به ثمة عبارة عن المركّب من الأجزاء الخارجية ، فيكون الأقل متيقناً في المطلوبية .
هذا بخلاف ما نحن فيه ، فإن الأقل ليس هو المعلوم الإجمالي مطلقا قطعاً ، فإنه عبارة عن معنىً يكون مقدمته ومحصّله ، هو او الأكثر ، فهو متيقن في المقدمية للمطلوب ، لا في المطلوبيّة ، ولا عبرة بكونه قدراً متيقناً من هذه الجهة ، فيكون الحال فيما نحن فيه كالحال في المتباينين ، فيجب الاحتياط .
قلنا : إن مناط تمامية الحجة عند العقل وعدمها ليس هو الوجوب النفسي وعدمه ، بل إنّما هو مطلق المطلوبية (١) ، وهو ثابت للأقل فيما نحن فيه ، كما اعترف به هذا القائل .
مع أنه لو لم يكتف به لزمه وجوب الاحتياط في الأجزاء الخارجية أيضاً ؛ ضرورة أن الأقل ثمة ليس متيقناً في الوجوب النفسي ، بل أمره مردد بينه وبين الغيري ، لاحتمال أن يكون الواقع هو المركب من الأكثر ، فيكون هو جزءً من المأمور به ومقدمة له ، فيكون الحال ثمة أيضاً من قبيل المتباينين ، ولا ريب أن الالتزام به رجوع عما اعترف به جواز الرجوع ثمة إلىٰ الأصل بالنسبة إلى الزائد . وان كان ولا بد من المنع والإيراد فلا بد من منع الرجوع إليه ثمة أيضاً ، وعدم كفاية المطلوبية المرددة بين النفسية والغيرية .
هذا ، ويمكن منع الملازمة المذكورة بأن المعنى المذكور في الفرض المسطور مع
___________________________
(١) لم يتبيّن لي بعد كفاية القدر المتيقّن في مطلق المطلوبيّة في جواز الرّجوع إلى البراءة الاصليّة بالنسبة إلى الزّائد المشكوك في الأجزاء الخارجيّة مضافاً إلى الأجزاء العقليّة ، بأن يكون ذلك فارقاً عند العقل بين الأقلّ والأكثر الارتباطيّين وملحقاً لهما بالاستقلاليّين وبين المتباينين . لمحرّره عفا الله عنه .