الشرعية المجعولة من الشارع للشيء على تقدير كونه هو الواقع ، ولذا لو نذر أن يتصدّق كلّ يوم من أيّام حياة ولده بدرهم ، فشك يوماً في حياته ، فلا يجوز التمسّك باستصحاب الحياة على المختار على وجوب التصدق عنه بالدرهم في ذلك اليوم ، فإن موضوع نذره هو يوم الحياة ، ولا ريب أن الاستصحاب لا يجعل هذا اليوم يوم حياته له ولا يثبته ، وليس وجوب إعطاء الدرهم أيضاً من الأحكام الشرعية المجعولة لحياة ولده ، بل هو من الأحكام الثانوية التي أمضاها الشارع ، فحينئذ نقول : إن أصالة الصحة لا يجوز التمسك بها على إثبات وصف الصحة ، ولا على وجوب إعطاء الدرهم ، فإنه ليس من الأحكام الشرعية المجعولة من الشارع في الصلاة الصحيحة مثلاً .
نعم نفي الفساد بمقتضى الأصل المذكور ولازمه العقلي الصحة ، لكنه لا يثبت به أيضا فإنه بالنسبة إليه مثبت .
فإذا تمهدت هذه المقدمات ، فلنشرع في المقام بعون الله الملك العلام فنقول : المنسوب إليهم في المسألة أقوال :
ثالثها : التفصيل بين الشرائط وبين الأجزاء بمعنى كون ألفاظ العبادات أسامي للصحيحة بالنسبة إلى الثانية وللأعم بالنسبة إلى الاُولى ، وأشهرها بل المجمع عليه ظاهراً بين القدماء (١) هو وضعها للصحيحة مطلقاً .
واحتج لكل واحد من الأقوال بالتبادر ، وبعدم صحة السلب عن الفاسدة مطلقا للقول بوضعها للأعم مطلقا ، وبه بالنسبة إلى الفاقدة للشرائط للقول بالتفصيل ، وبصحة السلب عن الفاسدة مطلقاً للقول بوضعها للصحيحة مطلقا ، وبها عن فاقدة الاجزاء للقول بالتفصيل .
ولا يخفى ما في دعوى كلّ من الفرق الثّلاث للتبادر على طبق مدعاها من التّهافت والتنافي ، وكذا في دعواهم عدم صحة السّلب ، او صحّته عن الفاسدة
___________________________
(١) كما ادّعاه بعض حيث قال : إنّ القولين الآخرين قد حدثا من المتأخرين . لمحرّره عفا الله عنه .