لا يقال : إن الذي اخترته التزام بوضعها للأعم ، إذ لا ريب أن المعنى الذي يكون موضوعا لأمر الشارع وان لم يتصوّر فيه الفساد من جهة فقد بعض الأجزاء او الشّرائط المأخوذة فيه قبل الأمر ، وإلّا لخرج عن كونه موضوعاً للأمر ، إلّا أنّه يمكن تحققه في الخارج فاسداً إما من جهة عدم الأمر ، او من جهة عدم نية القربة ، فيكون أعم من الصحيح .
لأنا نقول : إن القائلين بالأعم لا يقتصرون بذلك ، بل يقولون بوضعها للأعمّ من الفاسدة بفقد بعض الأجزاء او الشّرائط المعتبرة في موضوع الأمر أيضاً ، فلا يكون هذا التزاما بوضعها للأعمّ بالمعنى المعروف الذي أنكرنا عليه ، فحينئذ فهو :
إما قول بالصحيح بالمعنى المتنازع فيه على أن يكون مرادهم بالصّحيح ذلك .
او قول بالأعمّ بنحو آخر غير المعروف إن كان مرادهم به ما استضعفناه من الاحتمال ، او كان مرادهم به هو موضوع أمر الشارع ، لكن مع تقييده بكونه ملزوماً فعليّاً للصحة بالمعنى المعروف ، أعني الموافقة لأمر الشارع الموجبة لإسقاط القضاء والإعادة ، لكنه أيضاً راجع إلى الاحتمال المذكور ، وقد عرفت ما فيه .
او قول بالتفصيل بنحو آخر غير المعروف .
وكيف كان ، فهذا ما ساعد عليه الدليل ، فلا ينبغي التوحش من الانفراد .
نعم لما كان أي الدليل المذكور ، وهو التبادر وصحة السلب من الامور الوجدانية التي لا يمكن إقامة البراهين عليها ، فلا يمكن إلزام الخصم به ، لكنه دليل إقناعي ينبغي الركون إليه في عمل نفس الشخص ، حيث أنه طريق قطعي إلى الوضع .
وتوهم أن تلك الألفاظ على تقدير وضعها
للأعم تكون معانيها امور مجملة ، فكيف يمكن دعوى تبادرها ، إذ لا معنى لتبادر معنىً مجمل لا ندري أنه ماذا ؟ وكذا توهم أن غاية ما يثبت به على تقدير التسليم إنما هو وضعها للصحيحة