لا من جهة عدم اعتبار الأصل من أصله ، ولولا اختياره ذلك المذهب ثمة لكان موافقا للمشهور هنا في الحكم على الحقيقة والمجاز ، فاعتبار الأصل المذكور بنفسه متفق عليه من الكل حتى السيد قدس سره .
ثم إنّ المحقق الشريف ( قدس سره ) قد عبّر عن الأصل في المورد الأوّل بالاستصحاب القهقرىّ ، والظاهر أنّه خلاف اصطلاح القوم ، وأنه اصطلاح جديد منه ، بل الّذي اصطلحوا عليه إنما هو أصالة عدم النقل ، كما ذكرنا .
ثُمّ إنّ شيخنا الشيخ مرتضىٰ الأنصاري قدس سرّه لما رأى منه ذلك ، ورأى أنّه لا معنى للاستصحاب القهقرى ، ولا وجه لاعتباره بوجه فوجّهه تأَدُّباً منه بأنّه لازم لاستصحاب معتبر ، وهو استصحاب عدم وضع جديد للّفظ غير ما علم له بالنسبة إلى الزمان السابق ، لكنك ستعرف ما في هذا التوجيه أيضاً ، من أن اعتبار أصالة عدم النقل من باب الغلبة ، وكونه من باب الاستصحاب على خلاف التحقيق .
المقام الثالث : في ذكر أدلة اعتبار هذا لأصل ، فنقول : إنه لا ريب أنه لا دليل على اعتباره شرعاً ، من كتاب ، أو سنة ، أو إجماع .
أما الأول والأخير فواضحان .
وأما الثاني ، فلأن أخبار الاستصحاب ، إنما هي في مقام اعتباره بالنسبة إلى الحكم الشرعي ، المترتب على المستصحب بلا واسطة عادية ، أو عقلية ، فلا تجري في نفس الوضع ، لأنه ليس من الأحكام الشرعية ، ولا في الحكم الشرعي المترتب على تقدم الوضع لكونه بواسطة عقلية ، بل الدليل عليه منحصر في عمل العلماء ، بل كافة العقلاء ، وهو الحجة .
وكيف كان فلا ريب في حجيته ، ومن أنكرها فقد كابر وجدانه ، وأطلق في ميدان العصبية عنانه ، لكنها لم يعلم أنها من جهة ملاحظة الحالة السابقة ، فيكون الاصل من الاستصحاب الغير الشرعي ، أو من جهة الغلبة ، أو من جهة غيرها ، فحينئذ فالشأن في تعيين جهة اعتباره عند العقلاء بالنسبة إلى كل واحد من الموارد الثلاثة المتقدمة .
فنقول : إنه قد ( صرّح ) جماعة من مهرة
الفن قدّس سرهم في المورد الأول بأنَّ اعتباره ـ من باب الاستصحاب ، والأخذ بالحالة السابقة ، منهم العلامة في