قرينة على ارتكاب نوع تجوز ، او تأويل في تلك الألفاظ ، ولا ضمير في الخروج عن أصالة الحقيقة بعد قيام الدليل ، وليس هذا من المحاذير ، وانما المحذور الخروج عنها من دون دلالة ، وأما معها فلا .
ودعوىٰ استبعاد مجازية تلك الاستعمالات مجازفة جداً ، فإنه ليس بحيث تفيد القطع بالمطلوب ، ومع إفادتها ذلك فلا يجوز الركون إليه ، لعدم ما دلّ على اعتباره حينئذ .
وكيف كان ، فمرجع الاستدلال إلى أصالة الحقيقة في الاستعمال .
وحاصل الجواب عنه ، أنا قد حققنا سابقاً وضعها للصحيحة ، إلا أن القرينة القطعية في المقام قائمة على الخروج عن مقتضىٰ وضعها هذا ، مع أنه لا وجه للاعتماد على الأصل المذكور في مثل المقام ، نظراً إلى أن المراد معلوم ، للقطع بإرادة الأعم ، وإنما الشك في صفته ، فلا يجوز التمسك به في إثبات ذلك ، كما عرفت غير مرّة .
ثمّ إن ارتكاب خلاف الظاهر في تلك الخطابات يتصور من وجوه .
الأول : التجوز في ألفاظ العبادات الواقعة فيها ، بحملها على إرادة الأعم ، او على إرادة خصوص الفاسدة .
الثاني : استعمالها في الصحيحة الواقعية ، لكن بتأويل في اندراج تلك العبادات المنهي عنها فيما وضعت له ، نظراً إلى كونها صحيحة بحسب ظاهر الأدلة ، وبمقتضى الاصول العملية النافية لاعتبار ما كشفت النواهي عن اعتباره وشرطيته في العبادة ، فأطلق عليها تلك الألفاظ حقيقة بهذا التأويل .
الثالث : حمل تلك النواهي على الإرشاد ،
وبقاء متعلقاتها على حقيقتها ، لكن لما كان اللازم أن يكون متعلق النّهي ولو إرشادياً مقدوراً للمكلف ، لاستهجان نهي الانسان عن الطيران ولو إرشاداً فلا بد من اضمار في تلك الخطابات أيضاً ، فعلىٰ هذا فقوله ( ع ) : ( دعي الصّلاة أيام اقرائك )
معناه دعي إرادتها ، والكون في صددها ؛ فإنها غير مقدورة لك حينئذ ، فيكون متعلق النهي حقيقة هي الإرادة ، او الكون على صدد فعل العبادة ، وهما مقدوران للمكلف مع