نعم هذه المعاني مقتضية للطلب بمعنى أنها بحيث لو لم يكن مانع خارجي تعلق بها الطلب ، كما مر ، وأين هذا من الملازمة .
ثم إنه قد تصدىٰ بعض المحققين من المتأخرين (١) للجواب بناء على أخذ الطلب في مفاهيم تلك الألفاظ ، بأن غاية ما يلزم من اعتبار الطلب فيها إنما هو تصور الطلب عن تلك الألفاظ ، كتصور ذوات المفاهيم ، لكنها لا تدل على وقوع الطلب على تلك المفاهيم ، فإن ذلك مفاد الجملة ، والمفرد لا يدل عليه ، وهيئة الأمر دالة على وقوع هذا الطلب ، فلا تكرار .
وفيه : أن الظاهر أن من اعتبره فيها إنما اعتبره بعنوان الفعلية ـ بمعنى أنها موضوعة للمفاهيم المطلوبة فعلا ـ وعدم دلالة المفرد مطلقاً على الوقوع ممنوعٌ ، بل القيود المعتبرة في المفاهيم ينحل حقيقة الى موضوع ومحمول ونسبة ، فمعنى الصلاة المطلوبة أنها هي التي مطلوبة فتأمل .
ومنها : أنه لا اشكال عندهم في صحة النذر واليمين على ترك الصلاة في مكان مخصوص مكروه ، او مباح ، وحصول الحنث بفعلها ، ولازم القول بوضع الألفاظ التي منها لفظ الصلاة للصحيحة عدم صحة النذر واليمين وانعقادهما ، لاستحالتهما حينئذٍ ولا حصول الحنث بفعل الصلاة بعدهما ، التالي باطل بالإجماع ، فالمقدم مثله .
بيان الملازمة : أنه إذا بنينا على وضع لفظ الصلاة مثلا ـ الذي هو أحد ألفاظ العبادات المتنازع فيها ـ للصحيحة فيكون متعلق النذر واليمين هو ترك الصّلاة الصحيحة ، لأنهما إنما يتعلقان بمدلول اللفظ ، وقد عرفت انعقادهما أيضاً ، ومعنى انعقادهما أنهما إذا تعلقا بفعل شيء يصير تركه محرماً ، وإذا تعلقا بترك شيء يصير فعله محرماً منهياً عنه ، فعلى هذا فيكون فعل الصلاة منهياً عنه ، وهو يدل على الفساد في العبادات ، والفساد في المقام يوجب خروج الصلاة عن كونها متعلقة لهما ، اذ المفروض تعلقهما بالصحيحة ، فيلزم من انعقاد اليمين والنذر على ترك الصلاة عدم انعقادهما ، ويكون دورياً وهو محال .
___________________________
(١) هداية المسترشدين : ١١٠ .