وظاهر الشهيد الاول ( قدس سره ) أيضاً ذلك كما عن القواعد (١) بقرينة قوله : وسائر العقود . وأيضاً ظاهره تصرف الشارع في العقود أيضاً ، بمعنىٰ استعماله لها في غير المعاني اللغوية وابتناء النزاع عليه وقد عرفت ما فيه (٢) .
ثم إن النزاع مع قطع النظر عن تصرف الشارع بالنحو المذكور إنما يتصور بأن يقال : إن تلك الألفاظ موضوعة لغة او عرفاً للأفعال المفيدة للأثر فيقال : إن البيع مثلاً هل هو موضوع لغةً او عرفا لإيجاب وقبول يترتب عليهما الانتقال او للأعمّ منه سواء بحكم العرف او بحكم الشارع .
وبعبارة اخرى : إنه موضوع لما يفيد هذا الأثر بحكم حاكم ، او للأعم إلا أن الحاكم قد يكون العرف ، وقد يكون الشارع ، فحينئذ على القول بوضعه للصحيح يختلف صدقه بالنسبة إلىٰ المصاديق ، فلو فرضنا فرداً من البيع يكون صحيحا عند العرف بمقتضى بنائهم ، وفاسداً بمقتضى نهي الشارع واستعمله المتشرعة فيه ، فإن كان المستعمِل تابعاً للعرف في البناء على ترتيب هذا الأثر عليه ، فيكون استعماله فيه حقيقة ، وإن كان تابعا للشارع فيكون استعماله فيه مجازاً حيث إنّه باعتقاده استعمل اللفظ فيما يترتب عليه الأثر .
نعم لما كان ظاهر حال المتشرعة تبعيتهم للشارع ، فإذا استعملوه ينصرف إلى الصحيح عند الشارع ، كما أن غير المتشرعة لو استعملوه ينصرف إلى ما هو صحيح بمقتضى بنائهم ، لظهور حاله في تبعيته لقبيله .
وكيف كان ، فلا يصح في الفرض المذكور جعل النزاع في أنها موضوعة للصحيح عند الشارع ؛ فإن أهل اللّغة والعرف المتقدمين على زمن الشارع لم يكونوا يعرفون ما عنده حتى يضعوها بازائه ، بل الموضوع عندهم حينئذ هو المفهوم العام ، أعني ما يترتب عليه الأثر ، ويكون مصاديقه ما هو المتعارف عندهم ، ولو حكم الشارع بعد بصحة فرد آخر غير ما هو عندهم ، فليس هذا تصرفاً منه في وضع اللفظ ، بل إنما هو إحداث مصداق لمفهومه ، فيطلق اللفظ عليه حقيقة حينئذ ،
___________________________
(١) القواعد ١ : ١٥٨ .
(٢) جاءت في هامش المخطوطة زيادة غير مقروءة بمقدار سطر من جهة محو بعض الكلمات ويلاحظ في نهايتها علامة التصحيح « صحّ » .