الألفاظ وصحة سلبها عن الفاسدة ، وأن تصرف الشارع وشبهه عن بعض مصاديقها العرفية لا يستلزم التصرف في وضعها ، وتغييراً في معناها ، حيث إنّها موضوعة للمفاهيم الكلية ، لا المصاديق ، وتصرفه موجب [ لـ ] خروج ما نهي عنه عن تلك المفاهيم بحكمه ، فإطلاقها عليه مجاز بملاحظة حكم الشارع ، وإلا فبملاحظة العرف إذا بنوا على ترتب الأثر عليه فحقيقة بلا شبهة ، فلذا لا يلزم من تصرفه في بعض الأفراد ثبوت الوضع الشرعي لها .
ثم إنه قد يستشكل في وضع تلك الألفاظ للصحيحة ، بأن مقتضاه لزوم الإجمال في تلك الألفاظ إذا وقعت في حيز الخطابات ، كما في ألفاظ العبادات على القول بوضعها للصحيحة ، فعلى هذا لا يجوز التمسك بإطلاقها ، ولا يصح الرجوع إلى العرف في تشخيص المصاديق المشكوك في حالها ، بل لا بد من التوقف والرجوع في تشخيص المصاديق إلى الأدلة الشرعية ، اللازم باطل ، ضرورة عدم توقف أحد من علماء الإسلام في صحة التمسك باطلاق تلك الألفاظ والرجوع الى العرف في تشخيص بعض المصاديق .
وكيف كان فقد اتفق الكل على ذلك ، وكان ذلك عندهم كالضروريات ، فالملزوم مثله ، لأن انتفاء اللازم يكشف عن انتفاء الملزوم ، لعدم جواز التفكيك بينهما عقلاً ، فلذا اختار جماعة وضعها للأعم .
لكنه مدفوع ، بأن لزوم الإجمال في ألفاظ العبادات على تقدير وضعها للصحيحة ليس من جهة وضعها لها من حيث وضعها لها ، بل من جهة أن معانيها من الماهيات المخترعة من الشارع ، لا سبيل للعرف في معرفة وتشخيص الصحيحة منها بكنهها حتى يتشخص مفهومها ، ويتمسك بإطلاقها عند الشك في اعتبار شيء ، بل لا يعقل الشك بعد تبين مفهومها ، فإن مفاهيمها مساوية لما أمر الشارع به ، ومعلوم أن ما أمر به مشتمل على جميع الأجزاء والشرائط ، فالعلم بها يستلزم العلم بجميع الاُمور المعتبرة ، فلا يبقى شك فتأمل ، وعدم جواز الرجوع في تشخيصها إلى العرف أيضاً لذلك .
وكيف كان ، فلما لم يكن تشخيصها بالعرف
بحقائقها وكنهها ، لعدم سبيل لهم إليها ، فلا يجوز الرجوع إليهم لذلك ولا يجوز التمسّك بإطلاق الألفاظ