كونه علامة للمجاز عدم ثبوته له .
الثاني : أن يكون المعتبر في كونه علامة للوضع عدم ثبوته لغير المعنى المبحوث عنه ، وفي كونه علامة للمجاز ثبوته لذلك الغير .
الثالث : أن يكون المعتبر في كونه علامة للوضع ثبوته للمعنى المبحوث عنه ، وفي كونه علامة للمجاز ثبوته لغير ذلك المعنى .
فإذا عرفت هذه فاعلم : انه ذهب السيّد عميد الدين ـ قدس سره ـ في منية اللبيب في شرح التهذيب إلى الأوّل ، حيث قال : إنّ من علائم المجاز عدم سبق المعنى من اللفظ إلى الذهن ، فصرّح بعلامة المجاز ، ودل على علامة الحقيقة بالالتزام بقرينة التقابل (١) .
وذهب العضدي في شرح المختصر إلى الثاني ، حيث قال : ومن علائم الوضع أن لا يتبادر غير ذلك المعنى فصرح بعلامة الوضع ودل على علامة المجاز بالالتزام بالقرينة المذكورة (٢) .
وذهب بعض المتقدمين وجمهور المتأخرين إلى الثالث ، وهو المختار عنده ، قال : فما دلا عليه من علامة الحقيقة والمجاز بالالتزامِ قويّ متين ، وما صرّحا به منهما ما كنتُ به بظنين .
أقول : ما ذهب إليه السيّد في المنية ، هو الذي ينبغي اختياره من اللبيب ، إذ بعد فرض أنهما مع كونهما من العالم بالوضع علامتان ، فلا يعقل كون المعنى حقيقة ، مع عدم تبادره ، فيكون عدم التبادر عنده علامة للمجاز قطعاً ، فما اختاره ـ دام عمره ـ وإن كان ملازماً لذلك إلّا أن تبادره لا مدخلية له في العلامة ، بل ملازم لها ، مع أنه
___________________________
(١) منية اللبيب : في الفرق بين الحقيقة والمجاز واليك نصّه : وأما ما يختصّ بالحقيقة فأشياء : منها أن يسبق المعنى إلى أفهام المتحاورين باللغة عند إطلاق لفظه مجرّدا عن القرائن المخصّصة لذلك اللفظ بذلك المعنى ، فتعلم أنّ ذلك اللفظ حقيقة في ذلك المعنى ، إذ لولا كونه موضوعاً له دون غيره من المعاني لكان سبقه إلى الفهم من دونها ترجيحاً بلا مرجّح ، وانّه محال ، وعدم ذلك دليل المجاز ، فإنّ اللفظ المستعمل في المعنى إذا أطلق ولم يسبق ذلك المعنى إلى الفهم عند اطلاقه ، بل افتقر في فهمه منه إلى قرينة زائدة عليه كان مجازاً ـ هذا ولكن أورد بعد ذلك بقوله : وفيه نظر : فإنّه منقوض باللفظ المشترك بالنسبة إلى كل واحد من معانيه ، فانّه ليس مجازاً فيه مع عدم سبق معناه إلى الفهم عند إطلاقه . انتهى . وما عثرنا على نصّ آخر يناسب المتن .
(٢) شرح المختصر للعضدي ، مخطوط ، وإليك نصّه : ومنها أن يتبادر غيره إلى الفهم لولا القرينة ، وهو عكس الحقيقة ، فانّها تعرف بأن لا يتبادر غيره الى الفهم لولا القرينة .