فيما إذا طرأ له كونه ممّا أخبر العدل بحرمته يغايره فيما إذا لم يخبر العدل بحرمته ، فهو إذن نوعان ، فالحكمان إنّما هما واردان على موضوعين ، كالحاضر والمسافر والصحيح والمريض.
وتسمية مثل ذلك حكما ظاهريّا إنّما هو من مجرّد الاصطلاح الذي لا مشاحّة فيه ، وإلاّ فهو حكم واقعيّ في موضوعه ؛ إذ لا حكم في الواقع لذلك الموضوع إلاّ ذلك ، فيلزم التصويب على ذلك التقدير (١) ، ووجه اللزوم ظاهر.
والثاني : أن يكون ذلك الطريق على وجه لا يوجب وجود مصلحة متداركة لمصلحة الواقع ـ على تقدير التخلّف ـ في مورده ومتعلّقه ، ولا يصير منشأ لحدوث (٢) المصلحة في مدلوله من حيث دلالته عليه ، فلا بدّ من أن يكون المصلحة في جعله طريقا ، من غير أن تسري تلك المصلحة إلى الموارد التي دلّت تلك الطرق عليها ، وإلاّ لزم تحليل الحرام وتحريم الحلال من دون ما يقضي بذلك ، وهو قبيح ، كما عليه المانع من العمل بالطريق الظنّي.
وتوضيح الفرق بين الوجهين ، هو : أنّ المصلحة على الأوّل إنّما هي في الموضوعات التي يدلّ عليها الطرق الظنّية ، وعلى الثاني إنّما هي في جعلها طرقا إلى الواقع ووجوب الأخذ بمداليلها على أنّها هي الواقع ، فليس فيها إلغاء الواقع ، بل هو عين مراعاة الواقع بجعل الطريق إليه. ففيما إذا لم يخالف تلك الطرق عن الواقع فلا إشكال ، وعند التخلّف يكون مداليلها واقعيّا جعليّا ، لا لوجود المصلحة في نفس المدلول حتّى يكون من هذه الجهة في عرض الواقع وإن كان من جهة اخرى مرتّبا عليه ـ كما لا يخفى ـ بل لاقتضاء الحكمة والمصلحة نفس (٣) الجعل والتنزيل الذي
__________________
(١) لم يرد « التقدير » في « م ».
(٢) في « ع » زيادة : « تلك ».
(٣) في « ع » و « م » بدل « والمصلحة نفس » : « وجود المصلحة في نفس ».