والاضطرار ، والمفروض في المقام هو مساواة المصلحة المترتّبة على الفعل من جهة ملاحظة نفسه ومن حيث (١) قيام الأمارة عليه ، وبعد فرض التساوي لا وجه للأمر ؛ لامتناع طلب الحاصل.
وبالجملة : بعد ملاحظة ما دلّ على كون العالم مكلّفا بالواقع ، والجاهل بما أدّى إليه الطريق كما هو المفروض ، مع كون الوقت موسّعا ، كما هو مفروض المقام ـ لعدم تعقّل الإعادة على تقدير عدم التوسعة ـ مع ملاحظة ما دلّ على الترخيص في إيجاد الفعل في أيّ جزء من أجزاء الوقت الموسّع ، يفهم منه أنّ المكلّف به هو القدر المشترك بين مؤدّى الطريق والواقع ، وأنّ المكلّف مخيّر بينهما على حسب أجزاء الزمان ، وعلى حسب ما يطرأ له من حالاته علما وجهلا وحضرا وسفرا إلى غير ذلك. وقد عرفت مرارا أنّ الإتيان بالفرد مسقط عن التكليف بالقدر المشترك ، فلا وجه للقول بالإعادة على ذلك التقدير ، إلاّ أنّ الكلام في نفس التقدير ، كما سيجيء.
ولازم الوجه الثاني هو وجوب الإعادة وعدم الإجزاء عند كشف الخلاف ؛ إذ المفروض عدم تقييد الواقع وبقاء الأحكام الواقعيّة بحالها وعدم اختلافها بالعلم والجهل وعدم تغيّرها بوجود الأمارة المتخلّفة وعدمها ، فقضيّة ما دلّ على وجوب الخروج عن عهدة التكاليف الواقعيّة ـ بعد العلم بها من العقل والنقل ـ هو لزوم الإتيان بالواقع ووجوب امتثال أوامره ونواهيه.
فإن قلت : إنّ وجود الأمارة وإن لم يوجب حدوث المصلحة في موردها ـ على ما مرّ في الوجه الأوّل ـ إلاّ أنّه لا بدّ من أن يكون جعلها حجّة وأمارة مشتملا على مصلحة مساوية لمصلحة الواقع عند التخلّف عنه ، وإلاّ لزم تفويت المصلحة الواقعيّة من غير تدارك لها. وبعد الأخذ بالأمارة والعمل بمدلولها قد حاز المكلّف ما يساوي مصلحة الواقع ، فيكون ذلك الأخذ في مرتبة العمل بالواقع ، وقد قرّر في
__________________
(١) في « ع » بدل « حيث » : « جهة ».