والمعنى ، غاية الأمر أنّ العرف ربما يزعمون صدق ذلك المعنى والمفهوم على أمر ليس ذلك مصداقا له في الواقع يكشف عنه الشارع ، فالاختلاف إنّما هو في المصداق الشرعي والعرفي بعد الاتّفاق على نفس المعنى والمفهوم. وحينئذ فإذا ورد من الشارع أمر بإمضاء معاملة من تلك المعاملات على وجه الإطلاق من دون ملاحظة قيد من القيود يحكم بالمشروعيّة عند الشكّ على وجه الإطلاق ، من دون حزازة ولا محذور (١).
وفيه أوّلا : أنّ ما ذكره مخالف لصريح كلام الشهيد (٢) ، كما لا يخفى على الناظر فيه.
وتوضيحه : أنّ الفاسد العرفي هو ما يصحّ عنه سلب الإسم حقيقة ، كبيع الهازل ، فإنّه ليس بيعا عندهم ، وإنّما إطلاقه عليه بنحو من المشابهة الصوريّة (٣). وأمّا الفاسد الشرعي ـ كبيع الخمر وبيع المنابذة والحصاة ـ فهو بيع عند أهل العرف حقيقة. والفاسد في كلام الشهيد إنّما يراد به الفاسد الشرعي دون الفاسد العرفي ، وهو في غاية الظهور.
وثانيا : أنّ التوجيه المذكور لا ينهض بدفع الإشكال بوجه.
وبيانه : أنّ الوجه في الرجوع إلى متفاهم العرف عند إطلاق الألفاظ الواردة في المحاورات ، إمّا لتشخيص المفاهيم العرفيّة واللغويّة ؛ من حيث إنّ أنظارهم تكشف عن حقيقة المسمّى وواقع المعنى والمفهوم عند طروّ ما يوجب نحوا من الإجمال في المفهوم ، وإمّا لتشخيص موارد تلك المفاهيم ومصاديقها. والاشتباه في
__________________
(١) هداية المسترشدين ١ : ٤٩١ ـ ٤٩٢.
(٢) المتقدّم في الصفحة ٣٨.
(٣) في « ط » و « م » زيادة : « مثلا ».