وأورد عليه المحقّق الخوانساري بما لفظه :
وفيه نظر ، أمّا أوّلا : فبالنقض ، فإنّه قد تقرّر في محلّه : أنّ كلاّ من طرفي الممكن لم يتحقّق ما لم يصل حدّ الوجوب في الواقع ، وعلى ما ذكر من أنّ الامتناع ولو كان بالاختيار ينافي العقاب ، يلزم أن لا يصحّ العقاب على ترك أو فعل أصلا. والفرق بين حصول الامتناع في ذلك الآن الّذي تعلّق التكليف بإيجاد الفعل فيه وبين حصوله في الآن السابق عليه تحكّم محض ، إذ الإمكان الّذي هو شرط التكليف إنّما يعتبر في زمان كلّف بإيجاد الفعل فيه ، لا في زمان آخر ، وانتفاؤه في ذلك الزمان حاصل في الصورتين بلا تفرقة ؛ على أنّ كلّ ما لم يتحقّق في زمان فلزوم امتناعه حاصل في الأوّل بناء على قاعدة « الترجيح بلا مرجّح » و « أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد » ولزوم التسلسل أو القدم مدفوع في محلّه.
وأمّا ثانيا : فبالحلّ ، باختيار أنّ استحقاق العقاب في زمان ترك الحجّ في موسمه المعلوم. قوله : الحجّ ممتنع بالنسبة إليه فكيف يكون مستحقّا للعقاب بتركه؟ قلنا : امتناعه إنّما نشأ من اختياره سبب العدم ، ومثل هذا الامتناع لا ينافي المقدوريّة.
والحاصل : أنّ القادر هو الّذي يصحّ منه الفعل ، بأن يريد الفعل فيجب حينئذ الفعل أو لا يريده فيجب حينئذ الترك ، والوجوب الذي ينشأ من الاختيار لا ينافي الاختيار. ولا فرق بين أن يكون الوجوب ناشئا من اختيار أحد طرفي المقدور أو من اختيار سببه. قال المحقّق الطوسي ـ في التجريد في جواب شبهة النافين لاستناد الأفعال التوليديّة إلى قدرتنا واختيارنا : من أنّها لا تصحّ وجودها وعدمها منّا فلا تكون مقدورا لنا ـ : « والوجوب باختيار السبب لا حق » (١) كيف! ولو كان
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ٢٠٠.