الأخبار المستقبلة ، والتالي باطل ، فالمقدّم (١) مثله. بيان الملازمة : أنّه لو اخبر المخبر بأنّي غدا أشتري اللحم ـ مثلا ـ فعلى تقدير عدم الاشتراء لا سبيل إلى تكذيبه ، إذ له أن يقول : إنّ الإخبار بشراء اللحم ، إمّا أن يكون على تقدير إيجاد جميع المقدّمات أو الأعمّ من ذلك وعدمها ، لا سبيل إلى الثاني لأوله إلى الإخبار عن أمر ممتنع ، ولا إلى الأوّل لأوله إلى الإخبار بشراء اللحم على تقدير وجود المقدّمات ، والمفروض عدم واحدة منها ، إذ لا أقلّ من ذلك. وأمّا بطلان التالي فهو ممّا لا ينبغي الارتياب فيه ، ضرورة صحّة التكذيب في مثل الأخبار المذكورة.
وأمّا ثالثا : فبأنّ الوجه المزبور لو تمّ لدلّ على انتفاء الواجب المطلق ، حيث إنّ عدم المقدّمة لمّا كان من جملة الأحوال التي امتنع صدور المقدّمة على تقديرها لم يصحّ وجوبه بالنسبة إليه ، ولا مدخل لوجوب المقدّمة في ذلك.
وأمّا رابعا : فبالحلّ ، فنختار من شقيّ الترديد ، تارة أوّلهما وهو وجوب الواجب على تقدير وجود المقدّمة وعدمها ، واخرى ثانيهما وهو الوجوب على تقدير الوجود خاصّة. وبيان ذلك : أنّ التقديرين المذكورين إن لوحظا بالنسبة إلى الوجوب فنحن نختار الإطلاق ، فالوجوب غير مشروط بشيء من التقديرين.
وحاصله : أنّ الفعل واجب بمعنى اتّصافه بالمطلوبيّة وكونه متعلّقا للإرادة سواء وجدت المقدّمة أو عدمت ، لأنّ الكلام في المقدّمات الاختياريّة الّتي يمكن أن يكون الوجوب بالنسبة إليها مطلقا ، ولا يلزم منه ارتفاع العقاب على الواجب المطلق ، إذ عند عدم المقدّمة يستحقّ العقاب على نفس الفعل كما هو قضيّة الإطلاق إن لوحظا بالنسبة إلى الواجب ، فنحن نختار الشقّ الثاني ـ وهو الوجوب على تقدير وجود المقدّمة ـ ولا غائلة فيه ، إذ مرجع التقدير إلى وجوب الواجب الّذي لا
__________________
(١) في ( ط ) و ( م ) : والمقدّم.