يحصل إلاّ بعد وجود المقدّمة ، وقضية ذلك هو إيجاد المقدّمة أيضا تحصيلا للواجب المأمور به ، إذ على تقدير الإخلال بها يحصل فيه العصيان ، وبذلك يستحقّ العقاب.
قال المحقّق الخوانساري ـ بعد ما ذكرنا من النقض بالأخبار المستقبلة ـ :
والحاصل أنّ تلك التقادير ممّا يتوقّف عليه وجود تلك الأشياء في الواقع ، وأمّا الإخبار عن وجودها أو طلبها فلا يلزم أن يكون مشروطا بها ، وهو ظاهر فتدبّر (١) ، انتهى.
السابع : ما نقل عن المحقّق المذكور أيضا (٢) ، وهو أنّ حقيقة التكليف عند العدليّة هي إرادة الفعل عند الابتلاء (٣) بشرط الإعلام ، فالذي عليه مدار الإطاعة والعصيان هي الإرادة المتعلّقة ، والألفاظ إنّما هي أعلام دالّة عليها ، والعلامة قد يكون شيئا آخر من عقل أو نصب قرينة.
وذهبت الأشاعرة إلى أنّ التكليف لا يستلزم الإرادة ولا الدلالة عليها ، بل الطلب الذي هو مدلول صيغة الأمر شيء آخر وراء الإرادة ، يسمّونها « كلاما نفسيّا » وعند المعتزلة أنّه ليس هنا معنى يصلح لأن يكون مدلول صيغة الأمر إلاّ الإرادة ، وقد طال التشاجر وامتدّ النزاع بينهما. والصواب مختار العدليّة. وتمام الكلام في فنّ الكلام ، ولا يسعه المقام.
وظنّي أنّه يكفيك مئونة التشاجر أن تراجع وجدانك عند حصول الأمر هل تجد في نفسك كيفيّة اخرى تصلح لأن يكون مدلول الصيغة أم لا؟ فإنّك عند التأمل في النفس والكيفيّات والهيئات لم تجد شيئا كذلك ـ إلى أن قال ـ فإذا ثبت أنّ إيجاب
__________________
(١) رسالة في مقدمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل » : ١٠١.
(٢) أيّ المحقّق السبزواري.
(٣) في المصدر بدل عند الابتلاء : على جهة الابتداء.