وفيه : أنّه إن أراد إثبات الوجوب النفسي للمقدّمة فهو ممّا لا ينبغي أن يصغى إليه ، والمذكور في الاستدلال لا ينهض بإثباته ، لأنّ النهي المذكور في الحقيقة عن ترك الصعود الّذي هو المأمور به في حدّ ذاته. وإن أراد إثبات الوجوب الغيري بالمعنى الأعمّ من الإرشادي والإلزامي فمسلّم ، لكنّه لا يجدي نفعا. وإن أراد خصوص الإلزامي فللمانع أن يمنع عن ذلك. إلاّ أنّ الإنصاف هو ثبوته بحسب الوجدان ، فلا وجه للمنع المذكور. لكن ظاهر الاستدلال ينافي ذلك ، كما هو ظاهر.
الحادي عشر : ما حكي عنه أيضا ، من أنّ إيجاب المسبّب يستلزم إيجاب السبب ، ويلزم من ذلك أن يكون إيجاب المشروط مستلزما لإيجاب الشرط ، لأنّ ترك الواجب قبيح وترك الشرط مستلزم لترك الواجب والسبب المستلزم للقبيح قبيح (١).
والظاهر أنّه أراد بذلك دفع التفصيل بين الشرط والسبب ، وإلاّ فكيف الاستدلال بمثل ذلك في قبال من لا يرى وجوب السبب أيضا؟ على أنّ الكلام في أنّ ما يستلزم القبيح هل هو قبيح أم لا؟ فالاستدلال المذكور ساقط عن أصله ، لكونه مصادرة.
الثاني عشر : ما نسب إليه أيضا ، وهو أنّ من تأمّل في القواعد العلميّة ومارس المصالح الحكميّة وجرّب التدبيرات الكلّية وعرف مجاري أحكام العقلاء وحكمهم عرف (٢) أنّ ما يجب رعايته والأمر به والإلزام به قد يكون مطلوبا بالذات وقد يكون بالعرض من حيث إنّه نافع في حصول الغرض الأصلي والمطلوب الذاتي. فمن أراد تدبير بلد أو عسكر كما أنّه يأمر بالامور النافعة لهم وينهى (٣) عن الامور
__________________
(١) رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن ( الرسائل ) : ٥٥ ، وانظر الصفحة : ١١٤ منها أيضا.
(٢) كذا في المصدر ، وفي النسخ : وعرف.
(٣) في النسخ : نهى.