المضارّة لهم ، كذلك يأمر بالامور المؤدّية إلى خيراتهم (١) ومعدّاتها وشرائطها والطريق الموصل إليها وينهى (٢) عن الامور المستلزمة لمضارّهم والمستلزمة لإخلال مصالحهم المؤدّية إليه ، ويريد ويكره على نسبة واحدة ، وأيّ مصلحة للشيء أنفع من توقّف المصلحة الذاتيّة عليه؟ ولمّا كانت المصالح مستلزمة للتكاليف الشرعيّة كما أنّ التكاليف الشرعيّة مستلزمة للتكاليف العقليّة عند العدليّة ـ كما ثبت في محلّه ـ يلزم وجوب مقدّمة الواجب (٣) ، انتهى بأدنى اختصار.
وفيه : أنّ المراد من المصلحة إن كان (٤) ما هي ثابتة في المطلوب الذاتي كما أشعر به قوله : « ويريد ويكره على نسبة واحدة » فمجال المنع فيه واسع ، بل العقل يقضي بخلافه صريحا. وإن اريد بها المصلحة الغيريّة التي تترشّح عن المصلحة الذاتيّة ، فإن اريد أنّ تلك المصلحة يستلزم التكليف بذيها فعلا فهو أيضا ممنوع. وإن اريد أنّ تلك المصلحة على وجه يصحّ معها الأمر بالمقدّمة فيما لو كان هناك ما يقضي بإظهار الأمر على وجه التفصيل فهو حقّ لا مناص عنه ، كما عرفت ممّا تقدّم.
وبما ذكرنا يظهر أنّ ما يشاهد من تعلّق الأمر الفعلي التفصيلي أحيانا ببعض المقدّمات ليس من جهة وصف المقدّميّة والمصلحة الغيريّة ، فإنّها بنفسها لا تقتضي أمرا على وجه التفصيل ، بل تحتاج إلى نكتة خارجة ، كالخوف عن غفلة المأمور عنها وخفائها ونحو ذلك ، بل الذي يقتضيه تلك المصلحة تعلّق حالة طلبيّة بسيطة ناشئة من تعلّق الطلب بالمطلوب الذاتي ، وهو كاف في ثبوتها ، ويتفصّل تلك الحالة الإجماليّة بالأوامر المفصّلة التي يقتضيها النكات الخارجيّة ، كما عرفت في تقرير
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : خيراتها ، وفي ( ط ) : أجزائها.
(٢) في النسخ : نهى.
(٣) رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن ( الرسائل ) : ٥٦ ، وانظر الصفحة : ١١٩ منه أيضا.
(٤) في ( ط ) بدل « كان » : اريد بها على نحو.