الدليل المختار على ما صرنا إليه من الوجوب. وهو كاف في الحكم بوجوب المقدّمة ، كما عليه بناء الفقهاء في الكتب الاستدلاليّة الفقهيّة وغيرها ، من غير فرق بين أقسامها من الشرعيّة كالصلاة بالنسبة إلى الوضوء (١) والعاديّة كتحصيل الماء. وظاهر أنّ مرادهم ليس مجرّد الاشتراط ، لثبوته في مقدّمات غير الواجب أيضا.
بل الإنصاف أنّ ذلك من الأحكام الضروريّة ، كما أذعن به المحقّق الدواني.
قال في شرح العقائد (٢) ـ معترضا على المحقّق الشريف حيث خصّ الوجوب بالمقدّمة السببيّة ـ قلت : لا فرق بين السبب المستلزم وغيره ، فإنّ إيجاب الشيء يستلزم إيجاب مقدّماته بديهة (٣).
وقال المحقّق الطوسي في محكي نقد المحصّل : ما لا يتمّ الواجب إلاّ به وكان مقدورا على المكلّف كان واجبا عليه ، فإنّ الّذي كلّف الإتيان به كلّف به كيفما كان (٤) فإنّ الاقتصار في التعليل على ما ذكره يشعر بأنّه كاف في التصديق بما ذكره.
وقال المحقّق الخوانساري ـ بعد دعوى الضرورة والوجدان ـ : ولا أظنّك في مرية من هذا بعد تصوّر تعلّق الخطاب الإيجابي والإرادة الحتميّة بشيء وتصوّر تعلّقهما بما يتوقّف على ذلك الشيء ولا يحصل بدونه ، تصوّرا مجرّدا عن العوارض ، وكيف يتصوّر من عاقل المنع من ترك شيء وعدم الرخصة فيه مع تجويز ترك مقدّمته التي يستلزم تركها تركه والرخصة (٥).
__________________
(١) لم ترد « كالصلاة بالنسبة إلى الوضوء » في ( ط ).
(٢) حكاه المحقق الخوانساري في رسالة مقدمة الواجب المطبوعة ضمن « الرسائل » : ١٢٦.
(٣) انتهى كلام الدواني.
(٤) حكاه الخوانساري في الرسالة : ١٢٧.
(٥) المصدر المتقدّم : ١٢٧.