نفسانيّة رذيلة وحالة طبيعيّة خبيثة ، فإن اريد بالذمّ العقاب فهو موقوف على أنّ عقاب هذا العبد الذي لم يفعل قبيحا ينافي العدل أو لا. وإن اريد به توبيخه وتعييره بإظهار ما فيه من الشقاوة والرذالة فهو لا يبعد تسليمه ، لكنّه لا يجدي في كون الفعل محرّما شرعا ، لأنّ استحقاق الذمّ على ما كشف عنه الفعل لا يوجب استحقاقه على نفس الفعل ، ولا سيما الذمّ على الوجه المذكور ، إذ من المعلوم أنّ الحكم العقلي باستحقاق الذمّ إنّما يلازم استحقاق العقاب شرعا إذا تعلّق بالفعل لا بالفاعل.
وأمّا الجواب عن الثاني : فهو ـ على ما أفاده الاستاذ في الرسالة (١) ـ أنّه يلتزم باستحقاق من صادف قطعه الواقع ، لأنّه عصى اختيارا دون من لم يصادف. قولك : « إنّ التفاوت بالاستحقاق والعدم لا يحسن أن يناط بما هو خارج عن الاختيار » ممنوع ، فإنّ العقاب بما لا يرجع بالأخرة إلى الاختيار قبيح ، إلاّ أنّ عدم العقاب لأمر لا يرجع إلى الاختيار قبحه غير معلوم ، كما يشهد به الأخبار الواردة في أنّ « من سنّ سنّة حسنة كان له مثل أجر من عمل بها ، ومن سنّ سنّة سيّئة كان له مثل وزر من عمل بها » (٢) فإذا فرضنا أنّ شخصين سنّا سنّة حسنة أو سيّئة واتّفق كثرة العامل بإحداهما وقلّة العامل بالاخرى ، فإنّ مقتضى الروايات كون ثواب الأوّل أو عقابه أعظم ، وقد اشتهر أنّ « للمصيب أجرين وللمخطئ أجرا واحدا » (٣) والأخبار في مثل ذلك في طرفي الثواب والعقاب بحد التواتر ، انتهى ما أفاد.
وفيه : أنّ ما ذكره في سند المنع غير وجيه ، فإنّ مدخليّة بعض الامور الغير الاختياريّة في العقاب والثواب ممّا لا بدّ منه ، وإلاّ لم يعقل الاستشهاد بالأخبار
__________________
(١) راجع فرائد الاصول ١ : ٤٠.
(٢) راجع البحار ٢ : ٢٤ ، الحديث ٧٥ ، و ٧١ : ٢٥٨ ، الحديث ٥ و ٦.
(٣) كنز العمّال ٦ : ٧ ، الحديث ١٤٥٩٧.