هذه خلاصة مراده ، وهي خير ما يقال في هذا المقام ، ولذا جنح إليه الاستاذ ـ دام ظله المتعال ـ إلاّ أنّهما مع ذلك لا يخلو عن المناقشة ، والإشكال من وجوه :
الأوّل : أنّ جعل عدم المانع المقارن مع العلّة أو المتقدّم (١) غير موقوف عليه غير ظاهر وجهه ، إذ لا نجد فرقا بين العدم المتقدّم أو المتأخّر من حيث عدم إمكان تحقّق المعلول بدونه (٢). وهذا خلف.
نعم ، الفرق بينهما هو : أنّ العدم المقارن أو المتقدّم مقدّمة حاصلة ، والعدم المتأخّر مقدّمة غير حاصلة ، وهذا القدر من الفرق لا يقتضي عدم التوقّف رأسا في الأوّل ، وإلاّ لانحصر المقدّمة في العلّة التامّة إذا كانت مركّبة من أجزاء مترتّبة (٣) في الوجود ، لأنّه إذا تحقّقت الأجزاء والشرائط إلى أن انتهت إلى الجزء الأخير صدق أنّ المعلول في هذا الحال لا يتوقّف وروده إلاّ على ذلك الجزء ، فيلزم أن لا يكون أجزاء العلّة وشرائطها من المقدّمات ، وفساده واضح.
وحينئذ فالدور باق بحاله ، لمكان توقّف البياض المفروض وجوده على عدم السواد المفروض عدمه أيضا المقتضي لكون وجود السواد علّة لرفع البياض الذي كان موقوفا عليه لوجوده.
الثاني : أنّ رفع الضدّ الموجود إنّما يجوز أن يكون مقدّمة لمجيء الضدّ المعدوم إذا كان وجود الضدّ الموجود مانعا عن مجيء الآخر المفروض عدمه ، لأنّ المقدّمية إنّما اخذت من جهة كون الضدّ مانعا وعدمه شرطا ، ومن المعلوم أنّ الموجود إنّما
__________________
(١) في ( ع ) : والمتقدّم.
(٢) في هامش ( ع ) زيادة ما يلي : وإلاّ لخرج المانع عن كونه مانعا وكان وجود المعلول بدون هذا العدم يعني مع وجود المانع ممكنا.
(٣) في ( ع ) و ( م ) : مرتّبة.