والوجود الذي به يتحقّق تلك الماهيّة ، وظاهر كلامهم يعطي أنّ المركّب موجود على وجه لا يشعر بأنّ الجزء الآخر هو الوجود في هذا المركّب.
وممّا ذكرنا يظهر فساد ما قد تردّد في المقام : من أنّه لو كان الكلّي موجودا لكان إمّا نفس الجزئيّات أو جزئها أو خارجا عنها ، والأقسام بأسرها باطلة.
أمّا الأول : فلأنّه لو كان عين الجزئيّات يلزم أن يكون كلّ واحد من الجزئيّات عين الآخر في الخارج.
وأمّا الثاني : فلأنّه لو كان جزءا منها في الخارج لتقدّم عليه في الوجود ، ضرورة أنّ الجزء الخارجي ما لم يتحقّق أوّلا وبالذات لم يتحقّق الكلّ ، وذلك يوجب انتفاء الحمل.
وأمّا الثالث : فضروريّ الاستحالة.
فإنّ لنا اختيار كلّ من الشقّين الأوّلين.
أمّا الأوّل ، فنختار أنّ الكلّي عين الأفراد في الخارج ، ولا يلزم اتّحاد الأفراد والجزئيّات ؛ لأنّ ذلك إنّما يلزم فيما لو سلّم ثبوت المقدّمة الخارجيّة في قياس المساواة ، وهي : « أنّ عين العين عين » وتلك المقدّمة غير مسلّمة ، فإنّ معنى عينيّة الكلّي الطبيعي للفرد هو أنّ الفرد عبارة عن الماهيّة الخارجيّة ، وحيث إنّ الوجود والماهيّة متّحدان في الخارج لا فاصل بينهما يكون أحدهما عين الآخر ، فالطبيعة عين الفرد ، وأين ذلك من اتّحاد الأفراد؟ لاختلاف الوجودات فيها.
وأمّا الثاني ، فنختار أنّ الكلّي جزء للأفراد ويكون الجزء الآخر هو الوجود الذي به يتحقّق الكلّي ، ولا يلزم تقدّم الجزء في الوجود على الكلّ فيما إذا كان أحد جزئي المركّب هو وجود الجزء الآخر.
فتحصّل من جميع ما ذكرنا : أنّ الفرد ليس إلاّ وجود الكلّي والطبيعة الموجودة.