وإذ تقرّر ما ذكرنا من وجود الكلّي الطبيعي بالمعنى المذكور ، نقول في الجواب :
أوّلا : نختار أنّ الفرد متّصف بالوجوب العيني المتّصف به نفس الطبيعة ، فإنّ فرد الصلاة التي هي واجبة عينا ليس إلاّ وجود تلك الصلاة الواجبة في الخارج ، فهو الواجب العيني الموجود في الخارج ، بل وذلك ممّا لا مناص عنه ، إذ لولاه لما صحّ الامتثال ، إذ لا يعقل أن يكون المطلوب هو الفرد (١) وما يسقط به الطلب غيره.
وأمّا قولك : إنّ اتّصاف الفرد يوجب اتّصاف الجميع بالوجوب العيني أو عدم الإجزاء.
نقول : لا محذور في البين أصلا. أمّا الثاني فظاهر ، لأنّا لا نلتزم باتّصاف فرد واحد بالوجوب حتّى يلزم عدم الإجزاء ، كيف! وذلك ترجيح بلا مرجّح ، لاستواء الكلّ في حصول الماهيّة بها. وأمّا الأوّل ، فلأنّه إن اريد من اتّصاف الأفراد جميعها بالوجوب العيني أنّ واحدا منها غير مجز عن الآخر ، فالملازمة ممنوعة ، إذ الوجوب العيني الذي يتّصف به الماهيّة ليس إلاّ عدم كفاية ماهيّة اخرى عنها ، وعدم إجزاء فرد منها عن الفرد الآخر ليس ماخوذا في الوجوب العيني ، وهو بعينه موجود في جميع الأفراد ، لعدم كفاية فرد آخر للماهيّة المغايرة لتلك الماهيّة عنه. وإن اريد من اتّصافها بالوجوب العيني أنّ كلّ واحد منها عين الطبيعة الواجبة بالوجوب العيني وإن كان إتيان بعض أفرادها مسقطا للطلب المتعلّق بها ، فالملازمة ظاهرة مسلّمة ، ولكن بطلان التالي ممنوع ، بل ولا بدّ أن يكون كذلك كما عرفت.
وثانيا : نختار أنّ الفرد متّصف بالوجوب التخييري العقلي الذي لا يرجع إلى خطاب تكليفي ، وهو يوجب المحال.
__________________
(١) في ( ط ) ونسخة بدل ( ع ) : الضرب.