ومنها (١) : الاستقراء ، فإن الشارع قد رجّح احتمال الحرمة على الوجوب في موارد ملاحظتها توجب الظنّ باطّراده ، كأمر الحائض بترك الصلاة المردّد بين الوجوب والحرمة استظهارا (٢) ، وكوجوب إهراق الإناءين في الشبهة المحصورة والأمر بالتيمّم لدوران الأمر بين الوضوء الواجب والحرام (٣).
وفيه ـ بعد الغضّ عن حجيّة الاستقراء وعدم تحقّقه على تقدير حجّيته بملاحظة موردين بل وموارد ـ : أنّ الموردين المذكورين ليس الأمر فيهما على ما تخيّل من تقديم جانب الحرمة على الوجوب عند دوران الأمر بينهما.
وتوضيح ذلك لعلّه موقوف على بيان أمر ، وهو : أنّ موارد ثبوت هذه القاعدة لا بدّ وأن يكون على وجه يعلم ولو بواسطة الدليل أنّ وجه التقديم هو ترجيح جانب الحرمة على الوجوب حتّى يكون الموارد المشكوكة ملحقة بتلك الموارد بواسطة الغلبة ـ كما هو الشأن في جميع الموارد التي يدّعى فيها الاستقراء ـ إذ ما لم يعلم أنّ موارد الثبوت وجه التقديم فيها ذلك لا يصحّ الإلحاق بوجه ، فكيف بالموارد التي علم أنّ وجه التقديم فيها غيرها.
وإذ قد عرفت ذلك ، فاعلم أنّ الوجه في تقديم جانب الحرمة في مسألة الاستظهار ليس هو ترجيح جانب الحرمة على الوجوب على القول به. وأمّا على القول باستحبابه فلا يدلّ على المدّعى بوجه ، إذ الاستظهار إمّا أن يقال به بعد أيّام العادة ، وإمّا أن يقال به قبل العادة كما في المبتدئة والمضطربة. أمّا الأوّل فالوجه فيه قاعدة الإمكان واستصحاب الحيض ونحوه المستدلّ عليها في مقامه ، وليس من
__________________
(١) أي من وجوه الأخذ بالحرمة.
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٥٥٩ ، الباب ١٤ من أبواب الحيض.
(٣) الوسائل ١ : ١١٣ ـ ١١٦ ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢ و ١٤.