القاعدة المذكورة فيه حظّ ونصيب ، ولذا لم يعوّل عليها من اعتمد على القول المذكور. وأمّا الثاني فالقائل بالوجوب أيضا يعتمد على قاعدة الإمكان ، كما أنّ غيره يعوّل على الاستصحاب.
وأمّا وجوب إهراق الماء فلا شهادة فيه على المدّعى ، أمّا على القول بأنّ الحرمة ليست ذاتيّة بل تشريعيّة فظاهر ، حيث إنّ التشريع يرتفع بالاحتياط. وأمّا على القول بالحرمة الذاتيّة فلأنّ المورد من موارد دوران الأمر بين الواجب والحرام (١) بواسطة اشتباه المكلّف به ، وليس من موارد الشكّ في التكليف ، والحكم فيه التخيير لا الترجيح ، فإنّ التخيير يوجب القطع بالموافقة ولو إجمالا وإن أوجب القطع بالمخالفة أيضا. بخلاف الترجيح ، فإنّ فيه موافقة احتماليّة ومخالفة احتماليّة ، والأوّل أولى. وفيه تأمّل ظاهر.
وبالجملة ، فالرواية دلّت على تقديم جانب الحرمة على الوجوب ولم يعلم منها أنّ الوجه في التقديم هو ترجيح جانب الحرمة ، بل المظنون أنّ وجه التقديم فيما نحن بصدده هو ثبوت البدل للوضوء وهو التيمّم ، كما أوضحنا سبيله في غير المقام.
والأوجه في المقام هو القول بأنّ النهي (٢) في مادّة الاجتماع إنّما هو ناظر إلى جهة الترخيص الثابت بالأمر في الفعل ، ومع ذلك لا وجه للقول بتقديم الأمر ، فالنهي حاكم على الأمر. كذا أفاده ( دام ظلّه ).
ويمكن المناقشة فيه بما استفدنا منه في غير المقام : بأنّ ذلك يرجع إلى كون النهي إرشادا إلى ترك الفرد المجامع ، ولا يصحّ ذلك فيما يكون بين العنوانين عموم من وجه.
__________________
(١) في ( ع ) : الوجوب والحرمة.
(٢) في ( ع ) زيادة : من الأمر.