وبما ذكرنا يتّضح منشأ التعبير عن هذا النحو من الاجتهاد بتخريج المناط ، إذ أنّ المجتهد يتصدّى بنفسه لاستخراج المناط من الحكم الثابت لموضوع منصوص. دون أن يعتمد في ذلك على نصّ صريح أو حتّى غير صريح. وهذا بخلاف تنقيح المناط فإنّ المجتهد يعتمد في استنباطه للعلّة على ملاحظة النصّ كما أوضحنا ذلك في محلّه.
وعلى أيّ حال فإنّ هذا النحو من الاجتهاد فاقد للحجّيّة بنظر الإماميّة لأنّه لا يعدو الظنّ بالمناط والذي لا يغني من الحق شيئا. نعم قد يقتضي الفهم العرفي إلغاء خصوصيّة الموضوع إلاّ أنّ ذلك يكون من الاستظهار الذي قام الدليل القطعي على حجّيّته.
* * *
١٩٠ ـ التخصّص
هو الخروج الموضوعي عن موضوع الحكم ، فكلّ موضوع مغاير لموضوع الحكم فخروجه عن موضوع الحكم بالتخصّص.
مثلا : الدليل المستفاد منه حرمة الغناء لا يشمل الحداء ، وذلك للتباين بين مفهوم الحداء ومفهوم الغناء ، ولهذا يقال انّ خروج الحداء عن موضوع الحرمة بالتخصص ، وهذا بخلاف الغناء للعرائس فإنّ خروجه عن دليل الحرمة بالتخصيص ، أي بإخراج بعض أفراد الموضوع عن حكم الموضوع فلو لا الإخراج لكان ذلك الفرد مشمولا لحكم الموضوع.
والتعرّف على الخروج الموضوعي لا يناط بالخطاب الشرعي بل هو منوط بمعرفة حدود موضوع الحكم ، وعندئذ يترتب على ذلك عدم شمول الحكم لكلّ ما هو خارج عن حدود الموضوع ، إذ انّ الأحكام تابعة لموضوعاتها ثبوتا وانتفاء ، ولمّا كان موضوع الحكم منتفيا وغير صادق على الموضوعات الخارجة عن