المتعارضة مطلقا بنحو لا يلزم من ذلك التوفيق محذور عقلي ، وانّ الطرح حينئذ لا يكون سائغا ، وحينئذ تكون القاعدة في عرض روايات العلاج ومنافية لها ، كما انّها منافية للأصل الأولي للتعارض والذي هو التساقط أو التخيير ، كما انّها مستلزمة لاستحداث فقه جديد ، على انّها منافية لما عليه البناء العقلائي والعرفي في علاج الأدلّة المتعارضة ، وهذا ما يوجب سقوط هذه القاعدة عن الحجيّة لو كان هذا هو المراد منها.
وهكذا لو كان المراد من الجمع هو الجمع العملي ، وكان المتعيّن هو الاحتمال الاوّل ، وكان المراد من الإمكان هو الإمكان العقلي ، وكانت الاولويّة بمعنى اللزوم أو حتى بمعنى الراجحيّة ـ في هذه الصورة والتي سبقتها.
وبهذه الطريقة يمكن التعرّف على ما هو حاصل المراد من القاعدة ، وما هي قيمتها العمليّة ، وحتى لا يتبرّم الطالب الكريم من الإطالة نوكل ذلك الى نباهته ونكتفي ببيان ما هو مناسب لمتبنيات الاصوليين فعلا.
فنقول : انّ الذي ينبغي أن يكون المراد من الجمع هو الجمع الدلالي ، والمتعيّن من احتمالاته هو الاحتمال الثالث ، وانّ المراد من الاولويّة هو اللزوم ، فيكون حاصل المراد من القاعدة هو لزوم التوفيق بين مدلولي الخبرين المتعارضين تعارضا بدويا بنحو يكون ذلك التوفيق متناسبا مع الضوابط المقرّرة عند أهل المحاورة ، وبهذا يكون التعبير « بمهما أمكن » احترازا عن حالات التعارض المستقرّ والذي لا يمكن معه الجمع بحسب الضوابط المعتمدة عند العرف ، ومن هنا تكون القاعدة مساوقة لقاعدة الجمع العرفي.
* * *