الكريمة ، وذلك لأن الله أنشأ التشريع لهنّ ، وهذا التشريع في أبسط صوره ينبؤنا بإمكانية تطرق الخطأ والاثم إلى سلوكياتهن ، وهو بعد تقرير هذه الحالة راح يخبر عن مجموعة أخرى غيرهن لا يمكن تطرق الخطأ والاثم إلى قلوبها.
ج ـ إن هذا الاذهاب للرجس هو الملازم البديهي لوجود الطهارة ، وبما أنه كان عاماً وشاملاً لكل أنواع الرجس ، فإن بديله سيكون عاماً وشاملاً لكل أنواع الطهر حتماً ، وهذا الآخر يحتم إخراج زوجات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من مفاد الآية الشريفة ، وذلك لأن مقتضى الطهارة زوال الدم منهنّ كمثال ، بدليل أن القرآن الكريم عدّ الحيض من النجاسات ودعا إلى التطهّر منه لقوله تبارك وتعالى : (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (١) وهنّ لسن كذلك ، وهذا الأمر يوضحه لنا ماذا فعل الاصطفاء الإلهي والتطهير المتصاحب معه لمريم عليهاالسلام فجعلها بتولاً متميزة ببتوليتها عن سائر نساء العالمين.
ويحتم خروج سائر من أحلّت الزكاة والصدقات لهم ، لأن الزكاة والصدقات تطهير وتزكية لقوله تعالى : (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) (٢) ومعه تسقط الروايات التي حاول البعض اقحام بعض الأشخاص فيها كواثلة بن الأسقع وغيره. (٣)
ويحتم خروج سائر من ترد عليهم النجاسة الحادثة أيضاً ، وذلك لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
____________________
(١) البقرة : ٢١٢.
(٢) التوبة : ١٠٣.
(٣) سيأتي الحديث عن ردّ هذا المعنى.