وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١) وبالتالي فإن كل ما دخل في هذا القيد خرج من مفاد الآية ، ومعه يتضح لنا خطل التفسير بأن أهل البيت كلمة تشمل كل من حرمت عليه الصدقة كآل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس وغيرهم من بني هاشم كما يعمد إلى ذلك ، بعضهم ، لعدم توفر هذه المواصفات لهم.
وغني عن البيان أن القول بأن أهل البيت هم كل المتقين ، (٢) أو أنهم كل أمة محمد ، أو عشيرته .. وما إلى ذلك من أعاجيب المفسرين كلها لا قيمة لها وترد على أصحابها ، لتنافيها مع لوازم التطهير.
د ـ وبهذا يظهر لنا أيضاً صحة ما روته أم سلمة وعائشة وجعفر بن أبي طالب وغيرهم بعدم سماحة لهم بالانضمام إلى أهل الكساء ، لعدم تلاؤم مواصفاتهم الذاتية مع متطلبات عملية إذهاب الرجس والتطهير الإلهية.
ه ـ مع هذه الحقائق يتضح لنا معنى وحدود اذهاب الرجس والطهارة ، فهي لا تتوقف عند الجانب المعنوي فحسب ، بل إنها تمتد إلى الطهارة المطلقة في الجانب المادي ، بحيث يستلزم أن يكون تطهر أهل البيت ممتداً إلى نواحي الحدث والخبث وسائر النجاسات المادية ، فلئن استدعت الجنابة تطهراً ، فكيف يمكن أن تعرض لمن طهّر في الأصل تطهيراً تكوينياً؟ ولئن استدعى الحيض تطهراً فكيف يمكن نفي البتولية عمّن طهّرت سلفاً؟
____________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) روى المناوي في فيض القدير في شرحه للجامع الصغير أن آل محمد كل تقي. وعلّق عليه بالقول : قال الهيثمي : ضعيف جداً ، وقال البيهقي : حديث لا يحل الاحتجاج به ، ونقل عن ابن حجر العسقلاني قوله : رواه الطبراني عن أنس وسنده واه جداً. وأخرجه البيهقي عن جابر من قوله واسناده واه ضعيف ، وقال السخاوي : أسانيده كلها ضعيفة. فيض القدير ٥٥ : ١ ـ ٥٦ ح ١٥.