ولن نستغرق في الحديث كثيراً ، بل سنقدّم صورة موجزة لما تواتر عن أفعالها ، فلو أخذنا موضع الأمر الإلهي في نفس آية التطهير : (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ) فماذا سنجد؟! وماذا سيحدّثنا تاريخها؟! يقول عمارة بن عمير : انه سمع من يحدّثه عنها أنها كانت إذا قرأت الآية تبكي حتى تبلّ خمارها ندماً على ما اقترفت يداها في معركة الجمل ، (١) هذا رغم كل ما بدر من تنبيه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لها في قصة : كلاب الحوأب وهي كما ينقلها معمر بن راشد في كتابه الجامع : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لنسائه : أيتكنّ نتبحها كلاب ماء كذا يعني الحوأب ، فلما خرجت عائشة إلى البصرة نبحتها الكلاب فقالت : ما اسم هذا الماء؟ فأخبروها فقالت : ردّوني ، فأبى عليها ابن الزبير. (٢)
____________________
= أحسن الأحوال يبقى في تفضيله متوقف على نظر السامع ورأيه بالثريد ، فقد لا يجد في الثريد أية ميزة على غيره ، بل قد يبغضه لأي سبب كان ، ويفضّل غيره من الأكلات عليه ، فهل سيسقط كلام الرسول وينبذ؟! أعتقد أن من صاغ وضع هذا الخبر كان جائعاً أنذاك ، وإلا كان بإمكانه أن يأتي بوصف أفضل من ذلك!!
(١) أنظر سير أعلام النبلاء ١٧٧ : ٢ ، وتاريخ بغداد ١٨٥ : ٩ ، والاعتقاد للبيهقي : ٣٧٣.
هذا وقد اقتطع بعضهم سبب البكاء ، وجعله زهداً منها في الحياة ، وامتثالاً لأمر الله! كما فعل القرطبي في تفسيره ١٨٠ : ١٤ ، وابن أبي عاصم في الزهد : ١٦٤ ، وأبو نعيم في الحلية ٤٩ : ٢ ، وابن سعد في الطبقات ٨٠ : ٨.
(٢) الجامع ٣٦٥ : ١١ معمر بن راشد (ت ١٥١ه) مطبوع كملحق في كتاب مصنف عبد الرزاق ، المكتب الإسلامي ـ بيروت ١٤٠٣ ط ٢.
وانظر مصادر القصة في : مسند احمد بن حنبل ٥٢ : ٦ ، وصحيح ابن حبان ١٥ : ١٢٦ ح٦٧٣٢ ، والمصنف لابن أبي شيبة ٥٣٦ : ٧ ، وموارد الظمآن لابن حجر الهيثمي : ٤٥٣ ، وكذا في مجمع الزوائد ٢٣٤ : ٧ ، وفتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ٥٥ : ١٣ ، والمستدرك للحاكم النيسابوري ١١٩ : ٣ ، ومعتصر المختصر لأبي المحاسن ٣٦٢ : ٢ ، وسير أعلام النبلاء للذهبي ٧٧ : ٢ ، و ٥٣ / ١١ ، ومصباح الزجاجاة للكناني ٨٢ : ٣ ، وتذكرة الحفاظ للحافظ الذهبي ٦١ : ١ ، والمسند لاسحاق بن راهويه ٨٩١ : ٣ رثم ١٥٦٩ ، والمسند =