وقد بلغ من ندمها على ما يحكيه أنصارها أنها كانت تقول وفق ما رواه الحاكم في المستدرك : وددت أني كنت ثكلت عشرة مثل الحارث بن هشام وأني لم أسر بمسيري مع ابن الزبير. (١)
وهذا الود ـ إن كان له حقيقة (٢) ـ لا يلغي ـ في الواقع ـ ما ترتب من آثار خطيرة جداً على المجتمع الإسلامي ، لا تتوقف عظاعتها على الآلاف الذين قتلوا في حرب الجمل حيث قيل : إن أم المؤمنين تأكل أولادها! ولا ما أنشبت في المسلمين من نار الحرب التي ستأكل بعيدها بقليل مئات الآلاف منهم في معركة صفين ، وما زالت تزرع لحد الآن الكثير من مظاهر الفرقة والتشتت ، هذا بعد ما كان من دورها المعلوم في قضية اثارة الجمهور ضد عثمان والذي يمكن لنا أن نتلمس بعض أطرافه في مار رواه الطبري عن
____________________
= لأبي يعلي ٢٨٢ : ٨ ، والفتن لابن حماد : ٨٣ ـ ٨٤ ، وتاريخ الطبري ١١ : ٣ و ١٨ ، ومعجم البلدان لياقوت الحموي ٣١٤ : ٢.
(١)انظر : المستدرك ١١٩ : ٣ ، والبيهقي في الاعتقاد : ٣٧٣ ، وأبا سعيد العلائي في جامع التحصيل : ١٤٥ ، وأحمد بن عبد الرحيم الكردي في تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل : ٢٨.
(٢) من الواضح أن عائشة لم تتخل عن بغض الإمام عليهالسلام أبداً ، فهذا ابن سعد في طبقاته يروي أن من ذهب بخبر قتل علي عليهالسلام إلى الحجاز كان سفيان بن امية بن أبي سفيان ، فبلغ ذلك عائشة فقالت :
فألقت عصاها واستقر بها النوى |
|
كما قرّ عيناً بالإياب المسافر |
انظر : الطبقات الكبرى ٤٠ : ٣ لابن سعد ؛ دار الفكر ـ بيروت ١٩٨٥.
وأتمّ سبط ابن الجوزي القول فقال : ثم قالت : من قتله؟ قالوا : رجل من مراد فقالت :
فإن يك هالكاً فلقد نعاه |
|
نعي ليس في فيه التراب |
قال : فعابها الناس وقالت لها زينب بنت سلمة بن أبي سلمة : ألعلي تقولين هذا؟ فقالت : إني أنسى فذكّروني! انظر تذكرة الخواص : ١٦٥ سبط ابن الجوزي (ت ٦٥٤ هـ) مؤسسة أهل البيت ـ بيروت.